في متابعة لمسيرة الإمارات في عهد سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أجدني أشعر بسعادة بالغة في تفنيد عدد من الافتراءات الواهية التي قد يثيرها بعض الخصوم الذين تتشكل مواقفهم تبعاً لمصالحهم الخاصة، واستناداً إلى ما يتحرقون إليه من تطلعات غير مشروعة، وما يضمرون من نوايا شائنة.

ولعل بعض هذه الافتراءات يأتي مشمولاً في طيات عدد من التساؤلات التي لا تطلقها إلا ألسنة الهمزة اللمزة، فويل لهم مما يفترون كما توعدهم رب العالمين.

يتساءلون أين الإمارات من تمكين المواطن؟ أين الإمارات من حق المواطن في اختيار ممثليه في المجلس التشريعي؟ أين الإمارات من حقوق الإنسان؟ أين الإمارات من حقوق المرأة؟ وأقول لقد قطعت الإمارات شوطاً كبيراً على طريق التمكين السياسي للمواطن، وتعميق الممارسة الديمقراطية. فقد كانت عضوية المجلس الوطني فيما مضى قاصرة على التعيين.

ولم يكن للانتخاب سهم فيها، إلا أن صاحب السمو رئيس الدولة آل على نفسه منذ آلت إليه مقاليد الحكم تمكين المواطن. ولم ينعقد المجلس الوطني في فصله التشريعي الرابع عشر إلا وكان نصف أعضائه من العناصر المنتخبة، بالإضافة إلى حصول المرأة على حوالي ربع مقاعده أو على سبيل التحديد 22% من إجمالي عدد مقاعد المجلس.

لقد حصلت المرأة في الإمارات وخاصة في عهد خليفة بن زايد آل نهيان على كل الحقوق والمميزات التي يتمتع بها الرجل، فهي تقف معه على قدم المساواة بالنسبة لجميع حقوق المواطَنة؛ فالطريق أمامها مفتوح للحصول على أعلى الدرجات العلمية دون قيد أو شرط، ولها الحق في تقلد كل الوظائف العامة والمناصب الرفيعة؛ وها هي ترأس حالياً أكثر من هيئة ومؤسسة ودائرة.

كما أصبحت تشغل منصب قاضية وسفيرة وضابطة في الشرطة والقوات المسلحة، بل إنها تتولى في الوقت الحالي مسؤولية أكثر من حقيبة وزارية. وفضلاً عن ذلك فإن المرأة في بلادنا تحصل على الراتب أو الأجر نفسه الذي يحصل عليه الرجل الذي يشغل وظيفتها أو منصبها نفسه، فكيف يمكن للبعض أن يتصور أن المرأة حقوقها غير كاملة أو منقوصة.

ولعلي لا أجاوز الحقيقة إذا قلت إن المرأة في الإمارات تتمتع بحقوق وحريات تفوق بكثير ما تتمتع به المرأة في الغرب سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية. وأقصد تلك التي تضمن لها توفير حياة كريمة، مثل الحق في التعليم والحق في الرعاية الصحية، والحق في العمل، وحرية التنقل وحرية التعبير عن الرأي، وهى الحقوق والحريات المنضبطة في إطار القيم والأخلاق، لا تلك التي تعرضها للامتهان ولا تنبت إلا في بيئة الفجور والانفلات.

قد يتساءل البعض عن مدى ما يتمتع به غير المواطنين من حقوق وحريات، وهل تمتد لتشمـل مختلف شرائـح العمالة الوافدة أم أنها قاصرة على المواطنين دون غيرهم؟

وحقيقة الأمر أن مثل هذا السؤال لم يكن في حاجة إلى إجابة من مثلي، لأن الممارسة العملية وواقع الحياة اليومية كفيل بالرد عليه، على نحو لا يحتمل الطعن أو التشكيك. ولعل أكبر دليل على صحة هذا الطرح وجود أكثر من 200 جنسية من العمالة الوافدة على أرضنا للإسهام في جهود التنمية في مختلف المجالات ينعمون بكل الحقوق المدنية التي تكفلها كل الدساتير في دول العالم المتقدم، اللهم إلا تلك الحقوق اللصيقة بصفة المواطَنة مثل الحق في الترشح للمناصب العامة والحق في الانتخاب.

وهي حقوق تقتصر ممارستها في كل دول العالم على أبناء الدولة من المواطنين دون غيرهم، أما غير ذلك من الحقوق فالكل فيه سواء. ويمكن لأي جهة أن تستطلع رأي العاملين الأجانب بالدولة وبينهم العديد ممن يحملون الجنسية الأوروبية والأميركية ويسألونهم عن مدى تمتعهم بكل الحقوق والحريات وهل يعانون من أي انتهاك لحقوقهم الإنسانية؟

هل يشعرون بانتقاص من حقوقهم المالية أو المادية؟ هل يعانون من أي تفرقة بسبب اللون، أو الدين، أو الجنس، أو العرق؟.. وأنا على يقين أن الإجابة سوف تكون بالنفي القاطع.

إن ما تحقق على طريق تمكين المواطن حتى الآن ليس نهاية المطاف في مسيرة التمكين ولكنه مجرد خطوة سوف يتبعها المزيد بمشيئة الله تعالى. وليس هذا من قبيل الرجم بالغيب أو التصورات الشخصية التي لا تستند إلى واقع.

ولكنــه وعــد من صــاحب السمــو رئيس الدولة لشعبه، وقد عودنا أن يفي بكل ما وعد حيث يقول سموه في كلمته في الذكرى السادسة والثلاثين للاتحاد "ما زلنا على عهد قطعناه قبل عامين أن نصل بالتجربة الديمقراطية إلى مقاصدها بتوسيع نطاق المشاركة، وتعزيز دور المجلس الوطني كسلطة تشريعية، رقابية، قائدة، واتساقاً مع هذا التوجه ودعماً له ندعو لبلورة برنامج وطني لتعزيز الهوية، وتعميق قيم الولاء والانتماء والمواطنة.

وتوفير الظروف المجتمعية اللازمة لإبراز دولتنا كنموذج لمجتمع عصري، متطور، منفتح، متسامح، متماسك، ومشارك، يستمد مرجعيته من كريم معتقداتنا وقيم شعبنا، وواقع دولتنا، وإرث أبنائنا، برنامج يضع تصوراً واضحاً بمحددات اتضاح التجربة الانتخابية، وتوسيع صلاحيات المجلس الوطني، إن الطريق أمامنا طويل إلا أنه محدد القسمات، واضح المعالم".

وبعد مرور أربع سنوات، ووفاءً لما وعد به صاحب السمو رئيس الدولة تم انتخـاب مجلس وطني جديد روعي فيه توسيع قاعدة المشاركة الشعبية، وتفعيل دور المجلس، وتوسيع صلاحياته وتعزيز دوره.

ويؤكد صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، على المعنى ذاته في كلمته في الذكرى الأربعين للاتحاد، حيث يقول "نؤكد أن توسيع المشاركة الشعبية، توجه وطني ثابت، وخيار لا رجوع عنه، اتخذناه بكامل الإرادة، وسنمضي في تطويره تدرجاً بعزم وثبات، تلبية لطموحات أبناء شعبنا في وطن يتشاركون في خدمته وتطوير مجتمعه.

ولقد أنجزنا بنجاح المرحلة الثانية في المسار المتدرج الذي اتخذناه منهجاً، لتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في الانتخابات، وتفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي وتوسيع صلاحياته وتعزيز دوره".

هل بعد كل هذا يجوز لأي إنسان أن يتساءل عن مدى جدية الدولة في تمكين المواطن أو يتشكك في صدق النية بشأن توسيع صلاحيات المجلس، ودعم حقوق المرأة؟! دلوني على دولة واحدة من دول العالم حصلت المرأة فيها على 22% من مقاعد مجلسها النيابي أو ما يقارب هذه النسبة!

لقد أثبت الواقع العملي أن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، نعم الإنسان، وهو رجل مواقف إذا وعد أوفى، وإذا قال فعل، وإذا حدث صدق.

وإلى لقاء قادم نتناول فيه الإجابة على تساؤلات عدة حول كيف تضمن الدولة هذه الحقوق والحريات وكيف تكفل سبل الدفاع عنها كحق أصيل للمواطنين والمقيمين.