يعاني الكثير من أصحاب العلامات التجارية والأسماء المشهورة، من عدم قدرتهم على الحصول على أسماء مواقع إلكترونية مطابقة لأسمائهم أو أسماء علاماتهم التجارية على شبكة الإنترنت، وذلك بسبب من يسمون بلغة التقنية "Cybersquatters"، وهم مستخدمو الانترنت الذي يسبقون إلى حجز أسماء مواقع الإنترنت الخاصة بأصحاب العلامات التجارية والأسماء المشهورة، وذلك بهدف التربح من بيعها لهم بالمبالغ التي يحددونها، والتي قد تصل إلى مئات الملايين أو مليارات الدولارات.

ومنذ عهد قريب بدأت المحاكم في دول العالم تتلقى الدعاوى المتعلقة بهذا الشأن، والتي يرى فيها أصحاب العلامات التجارية والأسماء المشهورة، أنه قد تم الاعتداء على حقوقهم الفكرية ومنافستهم منافسة غير مشروعة في أسمائهم وعلاماتهم التجارية على شبكة الإنترنت.

ويرى الـ"Cybersquatters" ـ أو كما يحلو لي أن أسميهم "واضعي اليد على أسماء المواقع الإلكترونية" ـ أنهم لم يقوموا بأكثر من مجرد حجز اسم موقع إنترنت، وهذا عمل مشروع لا يجرمه أي قانون أو بروتوكول داخلي أو دولي، كما يرون أنهم لم يعتدوا على أي من أملاك صاحب العلامة التجارية أو صاحب الاسم المشهور، لأن اسم الموقع الإلكتروني لم يكن موجوداً من الأساس، ولم يكن ملكاً لأحد إلى أن تم حجزه، وبالتالي يعد هذا الموقع ملكاً له ولا يجوز لصاحب العلامة التجارية أو الاسم المشهور أن يغصب منه أو أن يطالبه بتسليمه، إلا بعد تقديم المقابل الذي يرضى به مالك الموقع.

وبالبحث في هذه المشكلة تبين أن تسجيل أسماء مواقع الإنترنت من اختصاص منظمة دولية غير ربحية، تسمى "مؤسسة الإنترنت للأرقام والأسماء المُخصصة"، ويشار إليها اختصاراً باسم "الأيكان" "ICANN"، ومن أهدافها الحفاظ على استقرار تشغيل الإنترنت، وتطوير السياسات الخاصة بهذا الشأن، وتسجيل أسماء النطاقات على الامتدادات العالمية، مثل (.com) و(.net)، والإشراف عليها.

وتبين أن لهذه المنظمة جهات وطنية معتمدة ومخولة من قبلها بتسجيل أسماء مواقع الإنترنت على الامتدادات الوطنية، مثل (.ae) في دولة الإمارات العربية المتحدة، و(.fr) في الجمهورية الفرنسية.

وبالرجوع إلى الموقع الإلكتروني الخاص بمنظمة الأيكان www.ICANN.com، تبين بالفعل أن المنظمة تقوم بتقديم خدمة تسجيل أسماء مواقع الإنترنت لمن يسبق بتقديم طلب التسجيل، إلا أن هناك سياسات خاصة أعدتها المنظمة بشأن أسماء مواقع الإنترنت المتنازع عليها، وهي تعطي الحق في التقدم بشكوى على من يقوم بتسجيل اسم موقع إنترنت مطابق للعلامة التجارية أو لعلامة الخدمة التي يكون لمقدم الشكوى حقوق فيها، بشرط أن يثبت المشتكي أنه قد تم حجز الاسم بغرض الإضرار بصاحب العلامة التجارية أو علامة الخدمة، ومساومته بسوء نية على تقديم مبلغ مالي ذي قيمة كبيرة، وأن من سبق إلى حجز اسم موقع الإنترنت ليست له أية حقوق أو مصالح مشروعة متعلقة بهذا الاسم.

صحيح أن هذا الإجراء يقدم بارقة أمل لأصحاب العلامات التجارية والأسماء المشهورة، لكن الأولى والأعدل أن تقوم منظمة الأيكان بتعديل سياساتها، بحيث لا تقبل تسجيل مواقع الإنترنت إلا عن طريق الجهات الوطنية المعتمدة لديها أولاً، والتي يسهل عليها أن تقوم بالتأكد من حق مقدم الطلب في الحصول على اسم موقع الإنترنت.

تخيل ما سيحدث إذا رغبت منظمة الأيكان في تغيير اسمها لسبب ما، ثم اكتشفت أن الاسم الجديد محجوز من قبل أحد "واضعي اليد على أسماء المواقع الإلكترونية"!