احترام القانون مسألة مهمة وملزمة، وفي غاية الدقة، ويفترض أن تقود إلى ثقافة احترام القانون، الفكرة الجديدة في غالبية المجتمعات، التي أصبحت ضرورة لا بد منها، لكن هاتين المسألتين تستوجبان معرفة واطلاعاً على القانون الذي يجب أن نحترم، بمعنى يجب أن نلتزم به.
فلا أجمل وأبلغ وأعمق تعبيراً عن احترام القانون، من ضرورة الالتزام به، وعدم مخالفة مواده وبنوده ونصوصه، فهذه الخطوة تقودنا بالضرورة إلى ثقافة احترام القانون، التي لا بد من تعلمها وفهمها وممارستها وتطبيقها، في البيت والمدرسة والجامعة، وكافة المؤسسات الرسمية والمدنية والخاصة.
وتتطلب عملية توعية، تتضمن تنفيذ برامج متنوعة من مختلف الجهات والمؤسسات ووسائل الإعلام، بهدف احترام القانون وتطبيقه بين الجميع، وتكثيف الخطط التي تعنى بتعزيز مكانة الوعي عند الناشئة.
ومد جسور الثقة والتواصل مع المجتمع الخارجي، من خلال تأسيس إدارات ذات طابع اجتماعي، تسعى الى تنمية إحساس الأفراد بالمسؤولية المجتمعية، وتوعيتهم بدورهم الهام في دعم مؤسسات الدولة وقوانينها، لأنه من دون امتلاك وفهم ثقافة القانون لا يمكن احترام القانون، وبالتالي تتحول الفوضى إلى العنوان الأكبر في المجتمع.
إن احترام القانون لا يحتاج إلى تنظير طويل، بل إلى وعي كبير، يبدأ بضرورة الالتزام بالقانون والمساهمة في نشره وشرحه ونتائج الالتزام به، الأمر الذي يقود إلى ثقافة احترام القانون، وهي مربط الفرس.
إنها مسألة في غاية السهولة إن أردنا، فلا تحتاج سوى معرفة بالقانون والتزام به، من خلال قراءته بجدية تامة، فما من شك أن احترام دستور الدولة وقوانينها، واحترام كافة القرارات والأوامر الصادرة من السلطات والجهات المختصة تنفيذاً لها، هو التزام واجب على كل فرد.
فاحترام القانون من الدعائم الأساسية التي يقوم عليها المجتمع، وعلى كل فرد أن يعي ذلك، ويساهم في توعية الآخرين، بضرورة احترام القانون من خلال الالتزام به، لأن ذلك من صميم مسؤوليات وواجبات الفرد تجاه المجتمع الذي يعيش فيه، والغاية هي أن يكون احترام القانون نابعاً من الذات، وليس لأنّ القانون مُلزم، ويفرض عقوبة على من يخالف أحكامه.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مثل هذا الفهم والالتزام، يساهم في بلورة ثقافة احترام القانون، فثقافة احترام القانون تتطلب معرفة الفرد للقانون الذي يطبق عليه، ويجعله أكثر مساهمة وفاعلية في تحقيق أمنه وأمن الآخرين، وهي تعني خلق ثقافة اجتماعية لدى جميع أفراد المجتمع.
وتركز على أهمية وضرورة احترام القوانين لما لها من دور أساسي ومهم في حمايتهم وحماية حقوقهم وأرواحهم، بحيث تتولد لدى الأفراد قناعة راسخة باحترام القانون، من منطلق المبدأ الثابت القائم على الاقتناع، وليس من منطلق الخوف من العقوبة والجزاء القانوني.
فالاقتناع هو الاساس لاحترام القانون، وتأكيد وجود هذه الثقافة التي لا بد أن تتعايش مع الأفراد داخل الأسرة والمنزل والمدرسة والمجتمع، مع التأكيد على أن هناك فرقا كبيرا بين أن يكون القانون مواد ونصوص جافة أو جامدة، وبين أن يكون ثقافة وأخلاقاً، وتصبح جزءاً من الشخصية وركناً هاماً في بناء الإنسان، بحيث يصبح احترام القانون منهج حياة.
إن مثل هذا الفهم والالتزام، يساهم في بلورة ثقافة احترام القانون التي طرحها مكتب سمو وزير الداخلية قبل نحو أربع سنوات، ومازال يعمل على تطبيقها وبلورتها ونشرها.
لكن السؤال الأساسي الذي لا يمكن تجاهله وتجاوزه، هو كيف نحترم القانون ولماذا؟ فالدولة أو المجتمع الذي يفتقد لاحترام القانون، سرعان ما يتحول إلى حالة من الفوضى، تقود بالضرورة إلى سيادة شريعة الغاب، وغياب كل ما يمكن له أن ينظم المجتمع وأفراده وعلاقاته ومؤسساته.
بكل الأحوال لا يختلف اثنان على أن احترام القوانين يجب أن يكون نابعاً من قناعات داخلية في كل فرد بالمجتمع، بحيث لا يجوز أن يكون في المجتمع قوانين حضارية ومتقدمة مثلاً، لكنها مخترقة وغير مطبقة من قبل الآخرين، والقناعة ترتبط بالضرورة بتغليظ العقوبات كي تكون رادعة ومؤثرة في ظل التأكيد على أهمية الوعي وضرورته، ما يعني بكل بساطة ووضوح أننا نحترم القانون عندما نلتزم به.