هناك في مسائل وقضايا وتفاصيل عمليات العيب، مفهومان رئيسيان هما: عيب ظاهر، وعيب خفي، بالإضافة إلى مفهوم ثالث هو ضمان للعيب. والعيب الظاهر يشير إلى أن عملية العيب تمت بوجود عيب واضح وجلي، وبالتالي لا ضمان له، بينما العيب الخفي هو الذي تحوم حوله وبه المشكلات والشبهات والتعقيدات..

حيث يكون هناك نوع من الإخفاء للعيب في السلعة، وعدم مقدرة المشتري على اكتشاف العيب. فالبائع عندما يبيع سلعة ما بعيبها الظاهر فلا مشكلة تلحقه، على الأقل بالمعنى القانوني، لكن المشكلات والتعقيدات تقع في حالات العيب الخفي الذي يعني، في ما يعنيه، أنه العيب الذي لا يكشفه إلا خبير، أو لا يظهر إلا بالتجربة، وبالتالي يستوجب رفع دعوى الضمان به خلال ستة أشهر من تاريخ تسليمه إليه، وإلا كانت دعوى المشتري غير مسموعة، ما لم يقبل البائع صراحة أو دلالة ضمان العيب لمدة أطول.

وكثيرون يتعرضون في حياتهم اليومية للوقوع في فخ العيب الخفي، فأنت عندما تريد شراء سلعة ما، ولا تملك خبرة كافية في التفاصيل المتعلقة بتلك السلعة، ولا تخطر ببالك آليات ووسائل وأدوات إخفاء هذا العيب أو ذاك فيها، تحكم على ظاهر الأمر..

مثلاً، عندما تريد شراء سيارة من أحد ما، وأنت لا تعرف الكثير عن الجوانب الميكانيكية للسيارة، يمكن أن "يتذاكى" عليك البائع ويخفي عيباً في السيارة، يصعب عليك اكتشافه في لحظات الاتفاق، لكن بعد الاستعمال تكتشف هذا العيب أو الخلل، فمثلاً مشكلة ما في محرك السيارة، تُكتشف لاحقاً، هنا تكون وقعت في فخ العيب الخفي، فالبائع يمتلك قدراً من الخبرة والمعرفة الضارة بك والنافعة شكلاً له، بحيث نجح في إخفاء عيب ما يمنع وقوع البيع، وعندما نجح تمكن من تمرير وإتمام العملية، ولم تكتشف أنت أمر الخديعة والتضليل، إلا بعد إتمام البيع وتجريب السيارة.

لكن أبسط حالات وحاجات المعرفة هنا، هي أن قانون المعاملات المدنية يعتبر العيب منعقداً على أساس خلو المبيع من العيوب، إلا ما جرى العرف على التسامح به. هذه قاعدة أساسية يفترض أن يطلع عليها الجميع، فهل نعي هذه الحقيقة البديهية؟ وهل نعلم أن هناك عيباً خفياً قديماً، وعيباً خفياً جديداً؟ وهناك من يعترف بالعيب ويبلغك عنه، وهناك من يتنكر له ولا يبلغك عنه؟ وإذن، ما هذا التعقيد؟ وهل يجب أن يصبح كل مشترٍ خبيراً أو مختصاً في القانون أو قاضياً أو محامياً.

بالتأكيد، الأمر أبسط من ذلك، حيث لا بد من الإلمام بالثقافة القانونية العامة، فإذا ظهر في المبيع عيب قديم، كان المشتري مخيراً بين رده أو قبوله بالثمن المسمى. ويعتبر العيب قديماً إذا كان موجوداً في المبيع قبل إتمام عملية البيع، ويشترط في العيب أن يكون خفياً وهو العيب الذي لا يُعرف بمشاهدة ظاهر الشيء المبيع، أو لا يتبينه الشخص العادي، أو الذي لا يكتشفه غير خبير، أو لا يظهر إلا بتجربة الشيء المبيع.

أما الضمان، فإن البائع لا يضمن العيوب الظاهرة، أي العيوب التي باستطاعة الشخص المعتاد اكتشافها بالفحص العادي، لأن العيب ليس خفياً، ولو لم يتبينه المشتري، لكونه مقصراً حينئذ في عدم الانتباه إليه، إلا إذا كان غائباً عن مجلس العقد، فهنا كل عيب يعتبر من العيوب الخفية، ولو كان العيب ظاهراً ما لم يعلمه المشتري.

ويمكن القول إن العيب الخفي هو آفة طارئة تخلو منها الفطرة السليمة للمبيع، وهناك شروط لضمان العيوب الخفية، منها شروط واجب توافرها في العيب، حيث يكون البائع ملزماً بالضمان إذا لم تتوفر في المبيع وقت التسليم، الصفات التي كفل للمشتري وجودها فيه، أو إذا كان في المبيع عيب ينقص من قيمته أو نفعه، بحسب الغاية المقصودة مما هو مبين في العقد، أو مما هو ظاهر من طبيعة الشيء أو الغرض الذي أعد له، ويضمن هذا العيب ولو لم يكن عالماً بوجوده.

ومع ذلك لا يضمن البائع العيوب التي كان المشتري يعرفها وقت البيع، أو كان يستطيع أن يتبينها بنفسه. والشرط الأول أن يكون العيب خفياً، والشرط الثاني أن يكون العيب قديماً، والشرط الثالث أن يكون العيب مؤثراً، وهو الذي يؤدي إلى نقص في قيمة المبيع، أو نقص في منفعته..