في ذكرى رحيل الشيخ زايد، والدنا، نترحم عليه ونسأل عما يجب علينا تقديمه لبلادنا العزيزة، وهل نحن حقاً نعطي الوطن بقدر ما نأخذ منه هل نعطي الوطن حقه، ماذا نعطي للوطن الغالي الذي ولدنا على أرضه الطاهرة ونشأنا بين جنباته أطفالاً ثم شباباً ثم رجالاً؟!
إن العطاء للوطن يجب أن يكون كبيراً جداً وهو عطاء لا تحده حدود، هذا العطاء يجب أن يكون من كل فرد يعيش على أرض الوطن مهما كان جنسه أو سنه أو قدرته أو نوع عمله، فالجميع سواسية غير معفي بحسب قدراته وإمكانياته والعطاء للوطن أولاً وقبل كل شيء يكون حباً كبيراً يغمر النفوس ويستولي على شغاف القلوب حباً يجعل الوطن هو الأسمى والأعلى والأحق بكل معاني الحب والاخلاص، حباً يجعل الإنسان يهب للدفاع عن الوطن إذا ما تعرض لأي نوع من الإعتداء وذلك ليس شأن الجندي فقط ولكنه واجب كل مواطن يعيش على أرض الوطن.
حب الوطن يكون من خلال العطاء المخلص في العمل الذي يؤديه المواطن في أي موقع عمل شريف حرّ كان وبأي مستوى من مستويات العمل، عطاء صادر عن ضمير يقظ وهمة عالية وعزيمة صادقة انطلاقاً من الإيمان بأهمية العمل الذي يصب أولاً وقبل كل شيء في مصلحة الوطن وتقدمه وازدهاره لأن الوطن الذي هو الأحق بكل عطاء والأجدر بكل بذل والمستحق بكل تضحية عمل منزه عن المطامع الشخصية والمآرب الذاتية، عمل يرقى بصاحبه ويسمو بالوطن ويرقى به للمكانة المرموقة التي يجب أن يكون فيها.
إن العمل المؤدى للوطن من قبل أبنائه واجب مقدس عليهم تجاهه وإن الرقيب على أداء هذا العمل هو الله سبحانه وتعالى والضمير الإنساني اليقظ.
العطاء للوطن يكون عبر الالتزام بالعادات والتقاليد الموروثة من الأجيال السابقة والحرص على ارتداء الزي الوطني الذي ينفرد به أبناء الوطن دون سواهم والافتخار به واعتباره إحدى السمات التي تميز أبناء الوطن والعطاء للوطن يكون من خلال إعطاء الآخرين الانطباع الذي يرسخ في أذهانهم مدى رقي وتقدم وتطور المجتمع والمستوى الأخلاقي لإبنائه، العطاء للوطن يكون من خلال حب أبناء الوطن بعضهم بعضاً ونبذ كل أنواع الخلاف والتعصب مهما كان نوعه ومسبباته، فالجميع أبناء للوطن ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار فهو وطن الجميع وكذلك حب الوطن يكون من خلال حرص أبنائه على التزود بالتعليم وتحسين مستوياتهم العلمية والعملية لكي يتمكنوا من خدمة وطنهم على أسس مبنية على المعرفة والمقدرة العلمية والمهنية ليتمكنوا من الرقي به والنهوض بمستوى الحياة المعيشية لهم ولأسرهم ولمجتمعهم.
حب الوطن يكون من خلال احترام الأنظمة والقوانين واللوائح والتقيد بها ومراعاتها، حب الوطن يكون عبر الحرص على نظافة الوطن والتي تبدأ من المنزل فالحي والقرية والمدينة والطريق والاماكن العامة ليكون الوطن نظيفاً لأن النظافة دليل على حضارة الوطن ورقي أبنائهو والعطاء للوطن يكون كذلك من خلال التصرفات التي تصدر عن الإنسان بحيث تكون إيجابية ولا تسيء للوطن وسمعته أو تحط من قدره ومكانته وإنما تليق بسمعة الوطن وترفع من شأنه سواء كانت هذه التصرفات على أرض الوطن أو عندما يكون الإنسان خارج الوطن فيعطي انطباعاً جميلاً عن وطنه من خلال السلوك الحسن والتصرفات الجيدة.
إن أنواع العطاء الذي يدل على حب الوطن عديدة وواجباته كثيرة تجاه وطنه ومسؤولياته تجاهه عظيمة.
وفي المقابل ماذا يعطي الوطن لإبنائه، أو ماذا نأخذ من وطننا؟ نحن بلا شك نأخذ الكثير يكفي أننا ننتمي إلى هذا الوطن الغالي ونعتز بانتسابنا إليه فهو الحضن الدافئ الذي يضمنا والسقف الذي يظلنا وفي ظله نشعر بالأمان والاستقرار والطمأنينة وأن قيمة وأهمية وعظم شأن الوطن لا يدركه إلا من فقد وطنه أو عاش بعيداً عنه.
إننا نحمد الله سبحانه وتعالى أن منحنا وطناً عزيزاً آمناً مطمئناً وقائداً حكيماً وولاة أمور حققوا للوطن وأبنائه إنجازات عظيمة شامخة وندعوا المولى عز وجل أن يطيل في عمر والدنا وقائدنا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «حفظه الله ورعاه» بوافر نعمته ويمتعه بموفور الصحة والسلامة.