قرار الحرب الذي تتخذه أي دولة يكون له غالباً هدف استراتيجي لاحق وممتد للضربات العسكرية، وفي حالة التحالفات العسكرية بين أكثر من دولة، والتي تستهدف بالمقابل تحالفات أخرى، لا ينظر لتداعيات قرار الحرب وحدها، ولا النتائج الحربية الناتجة عنها، بقدر ما ينظر لنتائجها الاستراتيجية.
من هذا المنظور، لا يمكن النظر إلى العملية الحربية (عاصفة الحزم)، التي بدأت بقيادة السعودية، على أنها مجرد عملية عسكرية عربية لردع انقلاب الحوثيين فقط، وإنما كعملية أو بداية لهجوم استراتيجي عربي لأول مرة منذ سنوات لاستعادة توازن كان مفقوداً في مواجهة إيران.
ولهذا يمكن القول إنها معركتان لا معركة واحدة، أو هي معركة في اتجاهين، ولكن المعيار الحقيقي والانتصار الفاعل هو في ضبط وتحديد اتجاه المعركة استراتيجياً. والأهم، أن مثل هذه الضربات الاستراتيجية يكون لها غالباً تأثير مستقبلي على موازين القوى في المنطقة ككل وتبدل حسابات قائمة أو كانت إيران تسعى لترسيخها على الأرض.
هي بالفعل عاصفة استراتيجية إن تواصلت فستؤثر على موازين القوى في المنطقة، وحسابات كثيرة ستتغير. فقد تمادت إيران في تصرفاتها والسعي لمزيد من التمدد والنفوذ، واستمرار عاصفة الحزم لا اقتصارها على مجرد ضربات جوية وهو ما يبدو من سياق التحركات البحرية والبرية الأخرى هي وحدها التي ستضطر إيران لتعديل حساباتها، خاصة أن الضربات لم تنتظر توقيع إيران اتفاقها النووي مع الغرب، ومن ثم الحصول على مزيد من القوة والاستقواء على الخليج.
لا تقتصر هذه العاصفة على إيران فقد وجهت المملكة وحلفاؤها ضربات عدة ورسائل للعالم، وإنها لا تكتفي بوضع يد على يد ومشاهدة أوضاع العالم.
لقد بغوا واعتدوا وظلموا واعتقدوا أنهم بالغو النصر وتحقيق ما يحلمون به منذ قرون ولكن الله سبحانه كان دائماً وأبداً بالمرصاد لكل متجاوز وها هو اليوم الذي كان العرب والمسلمون بانتظاره منذ زمن بعيد.
نعم إنها صحوة طال انتظارها فهي رد حازم على تجبر وطمع وخيانة البعض في هذه الأمة وما عاصفة الحزم إلا بداية النهاية لهم في لبنان وسوريا والعراق.
أعجبتني مقولة أحمد الشقيري الذي يردده دائماً عبر برنامجه الخواطر (متحدين نقف ومتفرقين نسقط)، نعم إنها صحوه قوية ستترك آثاراً كبيرة على المنطقة بعد أن صال وجال فيها ولتكن عاصفة الحزم هي الانطلاقة لنهاية هؤلاء الفاسدين، وها نحن نرى نتائج عاصفة الحزم من تحرير عدن وبعض مناطق الجنوب، وعودة الاستقرار إلى هذه المناطق، وبدء جهود الإغاثة ومساعدة الناس للخروج من محنتهم، والمراهنة كبيرة على إنقاذ كل اليمن من هذا الخراب الذي يحاول كثيرون فرضه على الشعب اليمني الشقيق، وهي محاولات لن يتم السكوت عليها، لأنها تؤثر على الشعب اليمني وعلى كل المنطقة، وهذا ما يتوجب قوله.
إن اليمن اليوم بأمس الحاجة إلى كل جهد عربي من أجل إنقاذه، وتحريره من هذه الميليشيات، ويكفينا ما نراه من موت وقتل وتجويع، من جانب من يريدون السلكة في اليمن، ومن معهم من حلفاء يحاولون جر اليمن كله إلى الدمار، دون أدنى إحساس بكلفة هذا على الشعب اليمني، وعلى العرب عموماً، وعلى كل المنطقة، وهي كلفة كبيرة جداً ومؤهلة لأن تتضاعف، ما لم تتواصل الجهود لوضع حد لهذا الخراب.