أسهمت دولة الإمارات العربية المتحدة إسهاماً بالغ الأثر في أجواء الفرحة التي تعم »المحروسة« بافتتاح قناة السويس الجديدة؛ فـ»الجرافات الإماراتية [التابعة لشركة الجرافات البحرية الوطنية بأبوظبي] ساهمت بأعلى المعدلات في حفر القناة«، وفقاً لرئيس الوزراء المصري، إبراهيم محلب، في 4 أغسطس الجاري.
بل إنّ قيادتنا الرشيدة أبت إلاّ أنْ تُضاعِف فرحة المصريين بهذا الإنجاز التاريخي الكبير، من خلال تسليم حزمة من المشروعات التنموية الإماراتية قبل بضعة أيام من الحدث الجلل هديةً إلى الشعب المصري.
وكما كانت دولة الإمارات العربية المتحدة في بؤرة التركيز أثناء ثورة يونيو 2013 وما تبعها من تغيرات جذرية، شاءت الأقدار أنْ تُبقيها في قلب فرحة مصر بافتتاح القناة الجديدة. فقد اتخذت الإمارات موقفاً حازماً في دعمها لثورة يونيو المصرية ضد حكم وتسلط جماعة الإخوان المسلمين، وما تلاها من إجراءات سياسية في يوليو، تضمنت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي وإحلال رئيس المحكمة الدستورية محله، وتعطيل العمل بالدستور، وحل البرلمان، وإعلان خارطة مستقبل للبلاد.
وقدمت الإمارات منذئذٍ، ولا تزال تقدم لمصر دعماً سياسياً هائلاً، تمثل في دعم السلطة الانتقالية، ثم تأييد اختيار الشعب المصري للرئيس عبدالفتاح السيسي في انتخاباتٍ حرة ونزيهة، وتبادل الزيارات على أعلى مستوى بين القيادات السياسية والعسكرية والمسؤولين الحكوميين في البلدين، ورفد الموقف المصري بالتأييد في المحافل الإقليمية والدولية. كما قدمت الإمارات، ولا تزال تقدم، لمصر دعماً اقتصادياً سخياً، وصلت قيمته إلى نحو 18 مليار دولار، وساهم مساهمةً كبيرة في الحؤول دون انهيار الاقتصاد المصري، أو تحول »المحروسة« إلى دولةٍ فاشلة، كما أرادها الإخوان/الخُوّان. وفي إطار الدعم الاقتصادي الإماراتي لمصر، وقعت حكومتا البلدين، في 26 أكتوبر 2013، اتفاق المنحة الإطاري.
وبموجب الاتفاق، تُقدم دولة الإمارات إلى مصر منحة لا ترد، تُقدر بنحو 4.911 مليارات دولار، لتنفيذ مشروعات في مجالات الكهرباء والطاقة، الإسكان، الصحة، التعليم، النقل، وتدريب العمالة الصناعية، والدراسات الإستراتيجية. ومن أجل مأسسة المساعدات الإماراتية لمصر، تم تأسيس المكتب التنسيقي للإشراف على المشاريع التنموية الإماراتية في مصر، برئاسة معالي الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر وزير دولة، وتزويده بكوادر من أصحاب الكفاءات عالية المستوى من كلا البلدين.
وفي ظلال أجواء البهجة التي تملأ مصر، نُظمت الثلاثاء الماضي، 4 أغسطس، مراسم توقيع عقود تسليم عدد من المشروعات التي تمولها الإمارات بمصر، والتي تم الانتهاء من تنفيذها ضمن الاتفاق المذكور، بحضور كلٍ من المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء المصري ومعالي الدكتور سلطان الجابر وزير دولة.
واشتملت مشروعات الحزمة الإماراتية المسلمة للحكومة المصرية أربعة مشروعات، أسهمت في توفير 900 ألف فرصة عمل دائمة ومؤقتة، ويلمس آثارها الإيجابية ملايين المصريين على صعيد تخفيف الاختناق المروري والتكدس الطلابي في المدارس، وتوافر الرعاية الصحية وخدمات الصحة الإنجابية وغيرها من خدمات طب الأسرة، وتأمين خدمات النقل العام.
وتتضمن هذه المشروعات 100 مدرسة مُجهزة تجهيزاً عالي المستوى لمختلف المراحل التعليمية في 17 محافظة مصرية، بتكلفة نحو 550 مليون جنيه مصري، و78 وحدة صحية في عددٍ من المناطق العشوائية والأكثر احتياجاً في 23 محافظة مصرية، بتكلفة بلغت نحو 250 مليون جنيه مصري؛ وتطوير عددٍ من مزلقانات خطوط السكك الحديدية والجسور في ثلاث محافظات أخرى، بتكلفة بلغت 680 مليون جنيه؛ وتوفير 600 حافلة نقل جماعي في محافظة القاهرة، بتكلفة بلغت نحو 650 مليون جنيه.
يُذكر أنّه قبل أيام تسلمت الحكومة المصرية أكثر من 50 ألف وحدة سكنية بمواصفات الإسكان الاجتماعي، مولّتها دولة الإمارات. وقبلها تم تسليم محطة »شعب الإمارات« لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بواحة سيوة.
وفي الحقيقة، تحصل مصر على نصيب الأسد من المساعدات الخارجية الإماراتية منذ العام 2013. ففي العام المذكور وحده، توجه أكثر من 80% من المساعدات الخارجية الإجمالية، أو ما يوازي أربعة أضعاف إجمالي المساعدات الخارجية في عام 2012، إلى القاهرة.
وتمثل المشروعات التنموية الإماراتية، بحق، »روح الأخوة وصدق المشاعر بين البلدين الشقيقين«، كما أكّد رئيس الوزراء المصري، وأنّ »علاقة دولة الإمارات مع مصر مبنيةٌ على ركائز وأسس متينة... وتطورت لتصبح من أهم العلاقات الثنائية التي تربط دولة الإمارات بالدول الأخرى«، كما بيّن معالي الدكتور سلطان الجابر، في المؤتمر الصحفي عقب مراسم توقيع بروتوكولات تسليم المشروعات الإماراتية الجديدة. وقد أشاد المهندس إبراهيم محلب، في نفس المؤتمر، بالدور الكبير الذي تلعبه دولة الإمارات لمساندة مصر في مختلف المجالات.
وقد انعكس هذا الدور في التظاهرات والمسيرات التي عمت المحروسة، والتي أطلق عليها »مظاهرات شكراً«، ورفعت صور صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله؛ تعبيراً عن الامتنان لمؤازرة الإمارات لمصر في أزمتها السياسية والاقتصادية.