على مدى أيام متوالية عدة في الأسبوع الأول من شهر ذي الحجة وقبل عيد الأضحى المبارك يريد الاحتلال الإسرائيلي أن يثبت للعالم كله – قبل أن يثب لنا معشر العرب - أنهم باتوا يحكمون سيطرتهم على المسجد الأقصى وأنهم باتوا يقتربون من إعادة بناء هيكل سليمان.
في كل يوم يقتحم مستوطنون إسرائيليون بحماية جنود الاحتلال باحات المسجد الأقصى. ليس هذا فحسب بل إن المستوطنين المتطرفين في رعاية جنود الاحتلال قاموا بتحطيم باب المغاربة واقتحموا الأقصى المبارك – أولى القبلتين وثالث الحرمين – وطردوا منه المرابطين من المتدينين الفلسطينيين وغيرهم من مسلمي العالم الذين يستطيعون بشق النفس أن يصلوا إلى المسجد ليلوذوا ويتعبدوا فيه.
بل إن الغطرسة الإسرائيلية وصلت إلى حد إحراق السجاد المفروش بأرض المسجد الأقصى "الذي بارك الله حوله" ودنسته إسرائيل بمستوطنيها وجنود احتلالها.
وهكذا فإن العالم من حولنا يشاهد بشكل يوشك أن يكون يومياً اقتحامات المستوطنين اليهود في حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى كل أنحاء المسجد الأقصى بل وإلى محيط المسجد وصولاً إلى بلدة الخليل إبراهيم عليه السلام "أبو الأنبياء".
ومن المؤكد المعروف في فقه القانون الدولي أن قوات الاحتلال الإسرائيلي هي المسؤولة عن رعاية المواطنين ورعاية الأرض المحتلة وذلك وفق للقوانين الدولية التي تعرفها إسرائيل جيداً ومع ذلك لا تتورع أن تدوسها بالأقدام.
ومن الواضح أن هناك تخطيطاً دقيقاً تعّد له إسرائيل لتغيير طبيعة المسجد الأقصى وقسمته مكاناً وزماناً بين أصحاب الأرض الحقيقيين – الذين لا حول لهم ولا قوة – وبين قوات الاحتلال الإسرائيلي التي لا ترعى لقانون ولا لقاعدة وقاراً ولا احتراماً.
والتساؤل الذي لابد وأن يقال هنا هو:
أولاً: أين الفصائل الفلسطينية؟
ثانياً: أين الجامعة العربية؟
ثالثاً: أين المجتمع الدولي؟
بداية نتحدث عن الفصائل الفلسطينية. والشيء المؤسف والمّر أن الفصائل الفلسطينية ليست بنياناً واحداً في مواجهة الاحتلال – كما يفترض أن يكون ولكن الفصائل الفلسطينية منها فريق يوشك أن يكون ضالعاً مع إسرائيل وهؤلاء هم أدعياء الإسلام السياسي والذين يمثلهم قطاع كبير مما يسمى للأسف "حماس" التي جعلت أحد مهامها المقدسة - والدنيئة للأسف – هي مساعدة الذين يعتدون على التراب المصري وعلى الشعب المصري وعلى الجيش المصري الذي لم يدفع أحد مثلهم ضريبة الدم منذ عام 1948م.
وحتى الآن في الدفاع عن فلسطين وعن قضية فلسطين.
كان المتوقع بعد كل هذا الذي تنتهكه إسرائيل من حقوق أن يهب الشعب الفلسطيني بكل فصائله في انتفاضة عارمة تلقن الاحتلال الإسرائيلي درساً واجباً. ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث وإن كنت أتصور – وقد يكون ذلك من باب التمني – أن الانتفاضة قادرة بإذن الله وذلك من إيماني بأن الشعوب لا تقهر إذا كانت صاحبة حق. والشعب الفلسطيني صاحب حق أكيد وفقاً لقواعد التاريخ والجغرافيا والقانون الدولي جميعاً.
وكم من مرة قلت للأخوة الفلسطينيين إن فترة التحرير يجب أن نكون فيها جميعاً كالبنيان المرصوص وبعد التحرير نستطيع أن تختلف الرؤى والتوجهات ولكن الاختلاف قبل التحرير يعتبر في نظري نوعاً من خيانة الوطن.
بعد ذلك أنتقل إلى الجامعة العربية التي وجهت إليها كثير من النداءات. بداية يجب أن نفرق بين الجامعة كمنظمة إقليمية وبين الدول الأعضاء فيها. المنظمة تعبر عن إرادة الدول الأعضاء فيها.
وهنا يجوز لنا أن نسأل هل الدول أعضاء الجامعة العربية كلهم على وفاق في أمر القضية الفلسطينية كما يجب أن يحدث.
مصر والأردن هما وحدهما على لسان رئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي وعلى لسان عاهل الأردن هما اللذان أدانا التصرفات الإسرائيلية والاحتلال الإسرائيلي.
ولكن الجامعة باعتبارها منظمة عربية فقد لاذ أعضاؤها بصمت عميق. ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.
إنني أدعو الشعب العربي كله دعوة صادقة أن يهب من غفوته وأن يشكل كتائب للمقاومة تتوجه نحو الأرض المحتلة لأن ما تدبر له إسرائيل أمر خطير. إن إسرائيل تحلم بدولة ما بين البحر والنهر.
الأحلام التوراتية لا حدود لها. هم يعتبرون أنهم شعب الله المختار – وأن هذه الأرض كلها هي أرضهم وأن أمة العرب هي من بقايا التاريخ القديم.
الخيار في أيدينا جميعاً.
أن نكون أو لا نكون.
يقيني – الذي قد يكون من أطيب الأمنيات – أن الطغيان على المدى البعيد لن ينتصر وأن الحق هو الذي سينتصر في آخر المطاف.
والله المستعان.