الحمد لله الذي جعل الكتابة نبراساً للعقول، الحمد لله الذي جعل اللسان لتخاطب الشعوب، الحمد لله الذي جعل الحروف لتكوين الكلِم، الحمد لله الذي جعل الشباب رفعة للإسلام والأوطان، الحمد لله الذي جعل وطننا آمنا بشبابه الوسطي المعتدل بفكره ومنهجه المبتعد عن التطرف وأهله، الحمد لله الذي جعل الشباب مدافعين عن وطنهم وولاة أمورهم، والصلاة والسلام على اشرف خلق الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه إلى يوم لا تظلم فيه نفس ولا تجزى إلا ما كانت تعمل من عمل و تقول من قول.
نرى من حولنا دماء تسفك وأعراضاً تهتك، أطفالا مشردين ونساء بلا مأوى، وكل ذلك بسبب جماعة ادعت الاسلام والاسلام منها براء، جماعة أسمت نفسها بالدولة الإسلامية وهي بوادٍ عن هذا المسمى، جماعة رفعت الرايات السوداء وكتبت عليها الشهادة فحسبت نفسها بذلك تمثل الاسلام، إنها جماعة «داعش» الإرهابية.
هذه الفئةُ الضالَّة لها أنصارُها، ونشاطُ إعلامها، لبَّسَت على الناس دينَهم، وخلَطَت على الشباب عقولهم بادِّعاءاتٍ مُلفَّقة، وأكاذيب مزورة، داعش جماعةٌ ظالمةٌ مُفسِدة، مُستبيحةٌ للدماء، جمعَت بين فساد المنهَج وظُلم المسلَك، مُؤيَّدةٌ من جهاتٍ إرهابية على شاكلتها، لا يخفَى هذا على أحد.
داعش الفسقة نهَجُوا منهجَ الخوارِج؛ كفَّروا المُسلمين والدول، وكفَّروا كل من قاتلَهم، حتى الفصائل في مواطِن الفتن، وكل من قاتلَهم أو رد عليهم حكَموا عليه بالكفر والردَّة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونعوذُ بالله من الضلال والخُذلان، والناسُ مُصنَّفون عندهم: إما كافرٌ أصليٌّ، أو مُرتدٌّ، أو مُنافِق.
بل إن هؤلاء الإرهابيين يُفاخِرون بأن شرابَهم الدماء، وأنيسَهم الأشلاء، ولا يجِدون شرابًا أشهَى من الدماء، هذا ما نطقَ به ناطِقُهم الرسميُّ. قبحهم الله، وكفَى الأمةَ شرَّهم، ومن تأمَّل أنهارَ الدماء التي سفكَها هؤلاء في ديار الإسلام ومناطق الفتن، وتأمَّل مُراوغاتهم وانحرافَهم في الفتاوى والمُسوِّغات، أدركَ ما يحمِلونه على أهل الإسلام من كُرهٍ وحقدٍ وبغضاء، إنهم يزعُمون أن من خالفَهم أو قاتلَهم فقد أتى ناقضًا من نواقِض الإسلام وخرج من الملَّة، ونصُّ عبارتهم الرسميَّة تقول: «من قاتلَنا فقد كفَر». يقولون هذا وهم يزعُمون أنهم يحكُمون بما أنزل الله
مما انفردَت به «داعش» السالكةُ مسلكَ الخوارِج، مما لم يُؤثَر عن الخوارِج، انفرَدوا بامتِطاء مطيَّة الكذب، فما رُؤِيَ جماعة أكذب لُغةً وأفسدَ منهجًا من هؤلاء، سبابًا ولعانًا وتقلُّبًا؛ بل ما رُؤِيَ جماعة أكثر افتراءً من هؤلاء، وقد يُوجد من أتباعهم وأنصارهم من يُلبَّس عليه، أو من يُحسِن الظنَّ فيسكت.
ومن تناقُضهم وأكاذِيبهم: زعمُهم أنهم لا يُكفِّرون كل من خالفَهم، وجعلَ لعنةَ الله عليه إن كان من الكاذِبين. ثم لم يمضِ عامٌ على هذا الزعم حتى بانت الحقيقة، وفضحَ ناطقهم – أخرسه الله - بأن أعلنَ بقوله: واحذَر فإنك بقتالك الدولة الإسلامية تقعُ بالكفر من حيث تدري أو لا تدري!
ومن كذبِهم وتناقُضهم: أنهم كانوا يدَّعون حُرمة استِهداف أسواق أهل السنة، ومساجدهم، وحُرمة مصاحفِهم، في أيمانٍ، ويقولون: إن تفجيرَ مساجِد أهل السنة من أعظم الكبائر. هذا هو تعبيرُهم، بل كان من اتهامهم بعض الدول والحكومات وتكفيرهم لها: أنهم يُحرِقون المساجد والمصاحِف، وها هُم يفعلون ويتبنَّون بكل جُرأةٍ تفجير مساجد أهل السنة في الدول العربية، فألبَسَ الإرهاب ذلك الكِيانَ الخائب رِداءَ الخلافة الإسلامية، وسمَّوها «دولة الخلافة»، ووصفُوا جرائِمَهم بأنها تنفيذٌ لشرع الله؛ لتكتمِلَ صُورةُ الإساءة للإسلام، وباسمِ الإسلام، وليس له منه أدنَى نصيب.
فإن كِيانًا أُسِّس على خفر العهود، ونقض العقود، وسفكِ الدماء، وحِراسة الأعداء، والاستِيلاءُ على الأراضي التي حرَّرها أهلُها ممن ظلمَهم، وسامَهم سُوءَ العذاب، لا يُمكن أن يكون من الإسلام في شيءٍ، ولك أن تتأمَّل عصابات «داعش» وهي تلتفُّ على كل نجاحٍ يُحقِّقُه الناجحون، لتعرقل أحلامُهم، ولتستمرَّ وظيفتُهم في حمايةِ أنظمةٍ يُفترضُ منهم عداؤُها إن كانوا صادِقين. وكلما تلقَّينا في بلادِنا تهديدًا كان التنفيذُ على يدِ عصابات «داعش»، وكان التناغُم بينهم ظاهِرًا في كل حدث، أعلنوا مسؤوليتهم عن تفجير مساجد أهل السنة بكل فخر وهو ذل لهم - أخزاهم الله -.
والأحداثُ التي نُواجِهُها، والمكائِدُ التي تُدبَّرُ ضدَّنا نتيجتها إلى الفشلِ - بإذن الله-؛ فالشعبُ الإماراتي يخزيُ التآمُر، وهو درع حصين للتيارات التي حذرنا منها والدنا الشيخ زايد – رحمه الله -. ومتى فشِلَ الأعداءُ في اختِراقِه؛ فإنهم سيفقِدون كل مخططاتهم في الوطن العربي. رِهانُ الأعداء على تزعزُع أمن أوطاننا العربية، ورِهانُنا على تماسُكنا والمحافظة على أمننا واستقرارنا. فلنُخيِّب آمالَهم ولنطوي سواد صفحتهم، قبحهم الله وأخزاهم.
فما دام زايد منهجنا وخليفة قائدنا والمحمدان درعنا، فنحن بخير ولله الحمد، حفظ الله حكامنا و ولاة أمرنا وجعلهم عوناً للبلاد والعباد ونفع بهم.