فجر السلام يشع من عليائه ليضم كل الناس تحت لوائــــه

جعل الإله السلم من أسمائه نفحات هذا الكون من أصدائه

بيتان شعريان معبران عن أهمية السلام للناس وموقعه في فكر العرب والمسلمين.

لا شك في أن المنطقة العربية كلها تتمنى أن يعم الوطن العربي بل العالم كله سلام شامل عادل، نعم سلام عادل لا تظلم فيه دولة ما باغتصاب حق من حقوقها ولا يدخلها مستعمر ينهب ثرواتها ويأخذ خيراتها زاعماً أنه جاء من أجل السلام والبناء والتعمير! فكيف يكون ذلك؟!

كيف يصبح المحتل المغتصب مصلحاً وداعية سلام؟ إن الاستعمار ما جاء إلى أرضنا إلا طمعاً في خيراتنا وبترولنا، فمتى تعيش فلسطين والعراق ولبنان والسودان وكل الدول العربية في سلام آمن عادل؟ متى يأمن كل والد على أولاده؟ متى تطمئن النفوس في المضاجع؟

يا كل دول العالم الحديث نريد أن نعيش في سلام ونسمع كلام رب الأنام «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله» ونسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا أوَ لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم».

هذا الحديث الشريف معناه إنه لا مجتمع بلا حب، ولا وجود لحب دون أن يغمر السلام كل الدول، ولا دخول جنة إلا بنشر السلام العادل.

بعد ذلك كله ما مفهوم السلام؟ السلام هو سلوك حيوي معيشي ينبع من قيم المجتمع واتجاهاته ويجب أن يربى عليه الأفراد منذ نعومة أظافرهم، والإسلام كما أسلفت دعا إلى السلام العادل ففي القرآن الكريم: «ادخلوا في السلم كافة» واختار الله عز وجل لنفسه اسم «السلام» ولا عجب في ذلك فهو السلام سبحانه وتعالى، وكل ذلك دليل على أن العرب لا يجيدون العنف والإكراه والإرهاب.

قال تعالى «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي»، وقال تعالى «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان». وما أجمل ما قاله الشاعر محمود شاور ربيع:

تحياتــــي لمجتمع السلام وكفــي ممسك بيد الحسام

فإن جنحوا لسلم فهو سلم ترف عليه أسراب الحمام

فمتى تنزع هذه الشوكة من جسد الأمة العربية؟! ومتى نتخلص من هذا الداء العضال «إسرائيل» في أساس الحروب والعدوان في المنطقة وبدأت بذلك منذ احتلالها فلسطين في العام 1948 مروراً بالعدوان الثلاثي على مصر في العام 1956، فحرب العام 1967 ثم حرب العام 1973.

ولمصر دور بارز في استقرار السلام في المنطقة فما من يوم من الأيام إلا ودعوة من القيادة المصرية إلى السلام، وما مؤتمرات شرم الشيخ عنا ببعيد، فمتى يأتي ذلك اليوم، يوم التحرير وفجر الأمل والحرية حتى تنطلق الدول العربية في ركب البناء والحضارة والتقدم، وجميع دول العالم - خاصة الفقراء والضعفاء- يحلمون ليل نهار بسلام آمن تعود فيه الأرض لأصحابها، وتعم العالم كله الأخوة والإنسانية فلا كراهية ولا حقد ولا صراع بل حوار من أجل الأفضل والتقدم ومخطئ من يفجر قنابل الحروب.

تعد النار يا إنسان والصاروخ والذرة وتذكر من طوته الحروب بالحسرة والعبرة، لقد ناداك السلم أن تصحو يا إنسان ويكفي الناس ما ذاقوا من القذائف والنيران. اما آن للعالم أن يسمع صوت السلام ؟ اما آن للدول الاستعمارية أن تكف عن إرهابها واحتلالها العالم؟! اما آن لشبابنا أن يمحوا العنف من قاموس حياتهم؟! وليعلم العالم كله أن العنف لا يولد إلا عنفاً.

يتوق الإنسان بفطرته إلى السلام لكننا نفتقد البصيرة والرؤية الواضحة للسلام في عالم يسوده الغضب والحزن.

نحاول البحث عن السلام في أنفسنا فلا نجده، حتى الطبيعة تأثرت بانعدام السلام (التلوث البيئي، الصخب، ازدحام الطرق، أصوات السيارات، صراخ الغضب) حتى الليل خسرنا صفوه وهدوءه، نعود إلى بيوتنا نلتمس السكون والهدوء، نفتح أجهزة التلفاز لنرى كوارث ومصائب وحروبا تملأ العالم.. حتى الأفلام والمسلسلات مليئة بالعنف والقتل. تقلق حتى في منامنا.

الأخبار العالمية تحمل لنا أنباء صراعات وحروب داخلية أو دولية أغلبها اتخذ طابعاً دينياً أو عرقياً. تعطينا، شئنا أم أبينا، دوافع للثورة للثأر لما نؤمن به من عقيدة أو مذهب. عنف قد يغير وجهة نظرنا، فينعكس على علاقتنا بجيراننا وزملائنا في العمل وأصدقائنا الذين ينتمون إلى معتقدات أخرى، فيتحول الحب إلى كره، والأمن إلى قلق وخوف وعنف، فنفتقد السلام ونفقد أمننا النفسي.