المنظمات العربية كثيرة وفي مقدمتها المنظمة الأم «الجامعة العربية»، وإذا كان العنصران الأساسيان اللذان يقوم عليهما كيان الأمة هما العنصر الثقافي والعنصر الاقتصادي فإن كلا من هذين العنصرين له منظمة خاصة به.

ولما كان التكامل الاقتصادي العربي هو العامل الحاسم الذي يمكن أن ينقل هذه الأمة من الضعف إلى القوة ومن الهوان إلى العزة فإن المنظمة القائمة على هذا التكامل تستحق من القارئ العربي أن يعرف ماهيتها وأن يهتم بها وكذلك تستحق من الحكومات العربية أن تأخذها مأخذ الجد.

ليس المهم وجود المنظمة وإنما المهم فاعلية المنظمة ومدى ايمان الحكومات بها وبضرورة تفعيلها لكي تحقق أغراضها الحقيقية.

والمنظمة التي تسعى إلى تحقيق التكامل الاقتصادي العربي هي «مجلس الوحدة الاقتصادية العربية» ومن حسن حظ هذه المنظمة أن أمينها العام رجل عروبي مؤمن بعمله أشد الايمان ويريد للمجلس أن ينجح في تحقيق الأغراض التي قام من أجلها وكل ما يحتاجه هو أن تأخذ الحكومات العربية الأعضاء في المجلس الأمر مأخذ الجد لا مأخذ الشكل دون الجوهر والمضمون.

السفير محمد الربيع أمين مجلس الوحدة الاقتصادية رجل يستحق كل الاحترام ويستحق كل المساعدة والوقوف إلى جانبه من أجل تفعيل هذا المجلس الذي يرتبط به إلى حد كبير المستقبل العربي كله. وحتى الآن فإن الدول العربية الأعضاء في مجلس الوحدة الاقتصادية هي ست دول فقط من الدول الاثنين والعشرين، مصر وسوريا والأردن والعراق واليمن وفلسطين.

وقد عقد المجلس منذ نشأته وحتى الآن أكثر من تسعين دورة ودارت في هذه الدورات مناقشات عديدة ولكن حصيلة المناقشات توشك أن تكون لا شيء.

هل يتصور المواطن العربي أن قرار إنشاء السوق العربية المشتركة سابق بسنوات على قرار إنشاء السوق الأوروبية المشتركة. ولكن الفارق العملي بين السوقين العربي من ناحية والأوربي من ناحية هو فارق شاسع. فارق بين الأرض والسماء. فارق بين الحقيقة والجوهر والعمل في السوق الأوروبي وبين الكلام والنوم في العسل فقط في السوق العربي.

وقد أقرت الدول العربية الأعضاء في المجلس اتفاقية موحدة لكيفية معاملة الاستثمارات العربية في الدول الأعضاء ولكن هذه الاتفاقية شأنها شأن غيرها ظلت في الأغلب الأعم حبراً على ورق. وتذهب الاستثمارات العربية والأموال العربية وهي كثيرة ومتدفقة والحمد لله لكي تستثمر في أووربا وأميركا في الوقت الذي تحتاج فيه كثير من الدول العربية لهذه الاستثمارات.

ولكن البيروقراطية الرهيبة في الجهاز الإداري في الغالبية من الدول العربية تجعل هذه الاستثمارات تعرض عن التوجه نحو البلاد العربية وتذهب بعيداً حيث البنوك الإسرائيلية والأميركية والأوروبية.

أليست هذه صورة محزنة.

لاشك إنها صورة مأساوية.

ولكن كيف الخروج ؟ قد يكون ذلك موضوع دراسات قادمة.

وقد لا يعلم كثيرون أن هذا المجلس نشأ بتاريخ الثالث من مايو 1957 باقتراح من جمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر العربية آنذاك، الذي كانت ذكرى وفاته منذ أيام.