أركان المؤامرة التي تحيط بمصر، أصبحت واضحة للعيان، لا تحتاج الكثير من الشرح والتوضيح.
وقد كُتب في هذا الشأن كلام كثير، ما أظن أن عندي الكثير الذي أضيفه إليه، ولكن الذي يعنيني أن أتعرض له في هذا المقال، هو لماذا المؤامرة؟ ولماذا الآن؟ ولماذا على مصر بالذات؟
هذه هي التساؤلات التي أرجو أن أعرضها وأوفيها حقها، فهي تكشف صورة المؤامرة أكثر، وقد تزيل أي شك عن أي أحد في أنها مؤامرة حقيقية على مصر كلها، من رأسها إلى أقدامها، وعلى سياستها واقتصادها في الأساس.
وإذا كنت قد أشرت إلى ما نشر من مقالات عديدة، كلها تدور حول نفس المعنى، فإنني لا أجد حرجاً في أن أشير إلى بعض المقالات.
أول هذه المقالات، مقال د/ عزة أحمد هيكل الأستاذة في الجامعة، وكريمة المرحوم أحمد هيكل وزير الثقافة الأسبق.
وقد شبهت الدكتورة عزة ومعها كل الحق المؤامرة على مصر، بما حدث في »دنشواي« عام 1906م، والحادث تاريخي ومعروف، ولا أحتاج أن أكتب فيه، ولكن الحادث رغم أنه كان حادثاً عارضاً، إذ ذهب بعض الجنود البريطانيين، الدولة التي كانت تحتل مصر آنذاك، ليصيدوا الحمام الذي ينتشر في أجران هذه القرى..
وحدث أن رصاصة من رصاصتهم قتلت فلاحة مصرية لا ذنب لها، فهاج أهل القرية، وقتلوا بعض الجنود البريطانيين المعتدين. ولكن كيف يجرؤ هؤلاء الفلاحون على قتل أسيادهم وحكامهم. وأقيمت المحاكمات ونصبت المشانق في تلك القرية من قرى محافظة المنوفية، وحكم بالإعدام على عدد من الفلاحين، وأحكم الاحتلال قبضته على مصر، وعاثت فيها قتلاً وتخريباً واغتصاباً لكل ما فيها من خير.
أما المقال الثاني، فقد كان مقال الأستاذ حلمي النمنم وزير الثقافة، ما يعطى المقال أهمية خاصة، بعنوان »حرب نفسية«.
ويرى »حلمي النمنم«، أن سعي السياسة المصرية إلى الاستقلالية عن كل مناطق النفوذ، ومحاولة مصر ورئيسها أن تعيد وزنها بين دول العالم وتكتلاته المختلفة، هذه السياسة لا تريح هؤلاء، ولذلك يريدون أن يكسروا شوكة مصر. ويدعو الأخ »حلمي النمنم«، الرأي العام والروح المعنوية للمصريين، إلى عدم الانزعاج، وإلى بذل المزيد من الجهد والعمل، ولا بد أن يتماسك الرأي العام المصري أكثر، ويحاول أن يمايز بين الأصدقاء والأعداء.
وهناك مقال الأستاذ وجدي زين الدين، والذي أوضح فيه أبعاد المؤامرة التي تهدف إلى إعادة تقسيم المنطقة العربية، بحدود وجغرافيا جديدة، بعد تقسيم الدول العربية.
ويقول: »مخطط ترسيم حدود المنطقة العربية الموضوع من 1975م، لا يزال قائماً، وبدأت تجدده الدول الغربية، خاصة بريطانيا، بالاشتراك مع الولايات المتحدة، وبدأت العيون مفتوحة على مصر، بهدف إسقاطها، وتتكالب هذه الدول حالياً على الوطن، بهدف إغراقه في الفوضى العارمة، والسعي بكل السبل لأن تكون مصر دولة عاجزة هشة ضعيفة، لا تقوى على فعل شيء، حتى يسهل سقوطها.
ورغم سقوط سوريا وليبيا واليمن والعراق، إلا أن مخطط إعادة ترسيم الحدود الجديد، الذي تريده هذه المخططات الغربية- الأميركية، لا يمكنها من فعل ذلك، طالما أن مصر تقف على قدميها. فلا بد من تركيعها، حتى يضمنوا تنفيذ هذه المخططات الشيطانية«.
وأخيراً، أعود إلى التساؤلات التي طرحتها في أول المقال:
لماذا المؤامرة؟، ولماذا الآن؟ ولماذا على مصر بالذات؟.
هذا هو ما أريد أن أعرض له، ولو بإيجاز، قد يحتاج إلى تفصيل في مقالات أخرى.
أما لماذا المؤامرة؟، فالأمر واضح، لأنه يبدو للمتآمرين، أن مصر حجر عثرة أمام مخططاتهم، ولا بد من كسرها.
أما لماذا الآن؟ فذلك لأن الاقتصاد المصري بدأ يتحسن، وهذا ليس في صالح المتآمرين، ولا بد من تحجيمه.
أما لماذا على مصر بالذات؟، فذلك لأن الكل يعرف أن مصر هي رمانة الميزان وحجر الرحى، والتي تتجه إليها كل الأنظار العربية.
إن المخطط خطير، ويجب علينا أن نكون متنبهين.