هناك الكثير من الخاسرين في هذه الانتخابات أكثر من هيلاري كلينتون نفسها، ويتجاوزون استطلاعات الرأي المتعجرفة وغير الكفؤة، والنقاد من ذوي التفكير الجمعي، ممن يعرفون كل شيء، والذين عرضوا أنفسهم للإحراج. لقد استقينا من رسائل البريد الإلكتروني، التي تمت قرصنتها، لمحة عن إفلاس قيم صحافيي واشنطن، ومحاميها، وسياسييها، فضلاً عن جماعات الضغط والجهات المانحة الثرية.
غالباً ما ينتهك الصحافيون مبادئهم الأخلاقية خلال الحملات الانتخابية. لدرجة أن المحللة السياسية، دونا برازيل، قد سربت موضوعات المناظرات لفريق هيلاري كلينتون. كما أن كاتبة العمود في صحيفة «واشنطن بوست»، دانا ميلبانك، قد طلبت من اللجنة الوطنية الديمقراطية، تزويدها ببحث مناهض لترامب.
يتعجب المرء لدى قراءته عن الشخصيات الموجودة في حملة كلينتون، من خلال التسريبات التي حصلت، ومن شهادات «ييل» الممنوحة لهم، والمناصب التي تولوها في شركة «غولدمان ساكس»، حتى من عملهم المحدود في حملة هيلاري. هل هذه هي نهاية اللعبة التي من أجلها قد يخسروا أرواحهم؟.
ومن الواضح أنه خلال الأسابيع القليلة من الحملة، توقف تخبط مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، جيمس كومي، على الضغط الذي وضع عليه من عملاء المنظمة الأمنية، أو حملة كلينتون أو رئيسه، النائب العام لوريتا لينش.
لقد التقت لينش بيل كلينتون في اجتماع سري «عرضي» على مدرج المطار، حينما كانت هيلاري كلينتون قيد التحقيق. ومنحت الحصانة لعدد من مساعدي كلينتون، من دون أن يحصل جهاز الاستخبارات على الكثير في المقابل. ولقد لجأت كلينتون للتعديل الخامس لرفض الإدلاء أمام الكونغرس.
لقد كان المسؤول عن حملة كلينتون، جون بوديستا، على تواصل مباشر مع صديقه القديم بيتر كادزك، المسؤول رفيع المستوى في وزارة العدل، الذي يرجح أن يكون قد كشف عن معلومات سرية لحملة كلينتون عن جلسة الاجتماع الوشيكة، والإجراء القانوني بشأن رسائل كلينتون البريدية. وحتى استقالته، كان كادزك مسؤولاً عن تحقيق وزارة العدل حول الرسائل البريدية لهوما عابدين وأنتوني وينر.
لقد كان يجب تعيين محقق خاص. إلا أن الديمقراطيين والجمهوريين، على حد سواء، ترددوا لمدة طويلة عن استخدام مدعين عامين تم تعيينهم بشكل خاص. لقد شعر الديمقراطيون أن كين ستار قد تجاوز تفويضه، بشكل كبير، فيما يتعلق بمتابعة تجاوزات بيل كلينتون. وقال الجمهوريون إن تحقيق لورنس والش في القضية السياسية المعروفة باسم فضيحة «إيران كونترا»، تحولت إلى عملية مطاردة الساحرات.
وتتبدى كارثة انتخابية أخرى بممارسة التصويت الموسع. فالاتجاه الحالي بفتح صناديق الاقتراع بشكل مبكر، وعلى امتداد عدة أيام، أثبت أنه فكرة مأساوية.
الحملات الانتخابية (لأعوام 1980، 1992، و2000)، لم تنتهِ غالباً حتى آخر أسبوع، وذلك حينما يصوت ملايين الناس لأيام أو لأسابيع عديدة قبل يوم الانتخابات، وبالتالي، فإن ما يقوله المرشح أو يفعله خلال الأوقات الحرجة، يصبح موضوعاً غير ذي صلة بالانتخابات. وعندما يجادل المرشح المواطنين بجملة «انتخب مبكراً»، تصبح تلك الجملة موازية لـ «انتخب سريعاً قبل أن تظهر الفضائح القديمة للسطح».
يجب أن يكون التصويت متعلقاً بحادثة مفردة، بدلاً من أن يصبح استطلاعاً يومياً. ولقد بدد الرئيس أوباما الكثير من الوقت أيضاً. فقد خرج من عزلته الظاهرية لإيجاد حملة بالنيابة عن كلينتون، وبطريقة لم يشهد لها مثيل من قبل، مع رئيس لا يزال يتسلم مقاليد منصبه. وفي يوم الانتخابات، لجأ أوباما للسخرية من قبعة دونالد ترامب الخاصة بلعبة البيسبول، كما استهزأ به.
وبينما كان يحض اللاتينيين على التصويت خلال مقابلته مع الممثلة جينا رودريغيز، بدا أوباما أنه قد تغاضى عن تصويت المهاجرين غير الشرعيين، عندما قال إن الهجرة والجمارك ليسا من قوائم الناخبين. ويعتبر انتصار ترامب، مع غالبية الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ، رفضاً لإرث إدارة أوباما.
في حقيقة الأمر، تعلمنا من ويكليكس أن التكنولوجيا الفائقة في القرن الواحد والعشرين، أرفع مكانة، وأكثر قوة، من رأسماليي العصر الذهبي، أمثال جون روكفلر وأندرو كارنيغي.
البريد الإلكتروني المسرب من المستشارة التنفيذية، شيريل ساندبرغ، كشفت أن مالك موقع فيسبوك، مارك زوكربيرغ، أراد لقاء أعضاء فريق كلينتون الذين كان بإمكانهم مساعدته على فهم «العمليات السياسية لدعم الأهداف والسياسات العامة».
لقد أصبح من السهل القول إن ترامب وكلينتون، قد أفسدا حملة انتخابات عام 2016. ولكن الجناة الحقيقيين، نخبة فاسدة من واشنطن، كانت منحازة وغير كفؤة، وتجهل مقدار كرهها من قبل الأميركيين.