قبل نحو 49 عاماً من الآن كان نائب الرئيس هيوبرت همفري المرشح الديموقراطي للرئاسة، وكان عام 1968 مضطرباً جداً، وشهد اغتيال المرشح روبرت كينيدي وزعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ، وإدارة ليدون جونسون الديمقراطية غير الشعبية، وانطلاق احتجاجات واسعة ضد حرب فيتنام.

ومع ذلك، هزم همفري على يد المرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون، وخسر الانتخابات بفارق ضئيل يبلغ نحو 500 ألف صوت، وبلغت نسبة الفوز (43.4% مقابل 42.7%). وأدى الاقتتال الداخلي بين الديمقراطيين إلى هزيمة نيكسون الذي لا يحظى بشعبية كافية، إن لم يكن بسبب بعض التطورات غير المتوقعة.

وتحولت الاتفاقية في شيكاغو إلى كرنفال زاحف من أعمال الشغب المتلفزة ومن الاحتجاجات الراديكالية، وشوهد الهبيون واليساريون وهم يشتبكون مع الشرطة في الشوارع في أخبار الذروة على شاشات التلفزيون.

وترشح حاكم ولاية الاباما الديمقراطي السابق جورج والاس كمرشح لطرف ثالث غير الحزبين الجمهوري والديمقراطي، واجتذب نحو 13.5 في المائة من الأصوات، ودمر والاس قبضة الديمقراطيين التقليدية على «الجنوب المتين»، بفوزه بخمس ولايات جنوبية مباشرة. وعمل أيضا على تصفية ما يكفي من المؤيدين الديمقراطيين التقليديين ليمنح نيكسون انتصارات جمهورية مذهلة في نصف ولايات أخرى في المنطقة.

وفاز نيكسون بعدد قليل من الولايات الشمالية التي كانت في كثير من الأحيان تصوت للديمقراطيين، مثل ولاية «يسكونسن وأوهايو، وذلك مجدداً بمساعدة والاس، الذي ناشد الديمقراطيين العاملين من الطبقة العاملة. ولكن ما هو الدرس المستقى من عام 1968؟

يمكن للديمقراطيين أن يعيدوا صياغة رسالتهم ليسعوا إلى اجتذاب الناخبين من الطبقة العاملة، وكان من المفترض أن يكونوا قد أعادوا بناء التحالف القديم الخاص بفرانكلين روزفلت الذي انتخب هاري ترومان وجون أف كينيدي في الغالب من خلال الطعن في قضايا الرواتب وتجنب الأجندات الراديكالية.

ومع ذلك، وعلى الرغم من الحصول على نحو 12 مقعداً من مقاعد مجلس النواب في انتخابات منتصف المدة عام 1970، وبدلا من أن يعزي الديمقراطيون خسارة عام 1968 الخاصة إلى حزب والاس الثالث الشعبوي، وعوضاً عن رفض الناخبين للتطرف، دمر الديمقراطيون القضبان وعكسوا اتجاههم عام 1972.

ودفع تخفيض عمر التصويت إلى سن الثامنة عشرة عام 1971 الديمقراطيين إلى التفكير خطأ بأن معظم الناخبين الشباب الجدد يساريين، وسيصوتون بأرقام قياسية للمرشحين اليساريين.

وبالتالي رشح الديمقراطيون في عام 1972 بسذاجة الجنرال جورج ماكغفرن من جناح اليسار في ولاية ساوث داكوتا. وعلى الرغم من أن الرئيس نيكسون لم يكن شخصية سياسية شهيرة إلا أنه كان مشغولا بتوحيد الناخبين من خلال تحريك الخريطة السياسية. وتحدث نيكسون الحميم والمرن والبراغماتي عن اليمين المتطرف ولكنه انتقل فعلا إلى المركز. وأوجد وكالة حماية البيئة. ووسع كثيراً من دولة الرفاه ودفع من أجل الرعاية الصحية الشاملة.

وفرض نيكسون ضوابط على الأجور والأسعار، وزار الصين الشيوعية. وسخر الرموز المحافظة مثل حاكم ولاية كاليفورنيا رونالد ريغان والمعلق ويليام إف باكلي، باعتباره من المشاهدين اليمينيين والأيديولوجيين النخبويين. وبكلمات أخرى، كان نيكسون شخصية جدلية وغير ممكن التنبؤ بأفعالها مثل دونالد ترامب.

وتمسك الديمقراطيون بالكونغرس فقط لأن أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين وأعضاء مجلس النواب الراغبين في إعادة انتخابهم لم يتبعوا المسار اليساري لجورج ماكغفرن.

وظل الديمقراطيون خارج البيت الأبيض حتى عام 1980، وذلك عندما أدار جيمي كارتر حملة تشبه حملة همفري، باعتباره وسطياً شعبوياً من الجنوب. ولكن هل سيكون عام 2020 مثل عام 1972 بالنسبة للديمقراطيين؟

حتى الآن فإن أوجه التشابه غريبة جداً.

في عام 1968 أصبح الدرس المستقبلي لانتخابات عام 2016 هو أن توجه نداءات أكبر للفئات العاملة، وليس لاستقطاب القضايا الثقافية والاجتماعية الساخنة.

ولكن يبدو أن الديمقراطيين قد يكونون في طريقهم إلى نموذج آخر على غرار نموذج جورج ماكغفرن.

اعتبرت رسالة الديمقراطيين الصحيحة سياسياً إحدى الرسائل التي تدين المعارضين والعنصرية المؤسفة وكراهية الأجانب والمنحازين. وتتفاعل على نحو أكبر فقط قبالة سواحل أميركا الوسطى. وكون المرء ضد ترامب فقط فلم يعد هناك بعد الآن أجندة ديمقراطية ناجحة مقارنة مع كونها أجندة ضد نيكسون وضعت في عام 1972.

وبالطبع يمكن أن يحدث أي شيء في السياسة. وقد لا يسعى ترامب إلى إعادة الانتخاب أو ربما يصبح شيئاً لا يحظى بشعبية لدى ليندون جونسون. ويمكن أن تلقي الحرب أو الاكتئاب الاقتصادي بظلال على السياسة. وقد يجد الديمقراطيون مرشحاً كاريزماتياً مثل أوباما يمكن أن يفوز بشعبية خاصة. ولكن مع ذلك فإذا ذهب الديمقراطيون في عام 2020 إلى اليسار كما فعلوا في عام 1972 فإنهم على الأرجح سيفقدون الكثير.