ثلاث سنوات على انطلاق عاصفة الحزم العربي في اليمن، ولا يزال الحزم هو لغة الخطاب وإرادة الفعل لاستعادة اليمن من يد خاطفيه، وإعادته إلى حضنه العربي ومحيطه الإقليمي. ثلاث سنوات قدمت فيها دول التحالف العربي وعلى رأسها الإمارات والسعودية الكثير من التضحيات من أرواح أبنائها ومقدرات شعوبها وجهود قادتها، قبلت خلالها التحدي، ولبّت نداء الأخوّة، فكان حصاد ذلك مجموعة من المستجدات التي فرضت نفسها على كل مراقب ومتابع لحال الأمة العربية طوال العقود الماضية.
فقد أحدثت عاصفة الحزم هزة عنيفة في المياه العربية الراكدة، ونقلت مفهوم الأمن القومي العربي الذي ظل زمناً طويلاً شعاراً غطّاه غبار الفرقة والتجزئة، إلى واقع، ودشن من خلالها مرحلة جديدة عنوانها المبادرة بالأفعال، بعد أن وصمت أمة العرب ردحاً طويلاً بأنها أمة الشعارات والخطب والأقوال. وقد كانت هذه المبادرة بمثابة صدمة لنظام ولي الفقيه في إيران الذي استطاع خلال السنوات الماضية أن يكتسح بعض الدول العربية، ويمتلك زمام قرارها ويُحدث الفتن في نسيجها السياسي والاجتماعي. وقد كانت عاصفة الحزم هي ساعة الصفر لإفشال المشروع الإيراني في المنطقة العربية عبر قص ذيوله في اليمن، ومن ثم دحر جنوده وأتباعه وتفكيك مؤسساته وخلاياه في باقي الدول العربية المبتلاة بمرض النفوذ الإيراني.
عاصفة الحزم العربي في اليمن صححت العديد من المفاهيم الخاصة بالقرار العربي عندما وضعت مسألة الدفاع عن الأمن الوطني والقومي في يد أصحابه، فمثّل إعلان دعم الشرعية في اليمن مفاجأة للعديد من الأطراف الدولية التي تتعيش على وضع المنطقة تحت التهديد الدائم من أطراف إقليمية لتواصل نهج الابتزاز وفرض الوصاية على المنطقة العربية ودولها. ولذلك لا تزال الكثير من ردود الفعل في عدد من الدول الغربية تعبر عن خيبة أمل تحاول من خلالها تشكيل ضغوط لعرقلة جهود دول التحالف العربي الإنسانية والسياسية والعسكرية في اليمن.
عاصفة الحزم ومن بعدها عملية إعادة الأمل عملت بمنهجية وغيرة عربية صادقة على إعادة تأهيل القوات المسلحة اليمنية بأعلى المعايير، لتكون قوة محترفة قادرة على تحرير أراضي وطنها من عصابات الميليشيات الطائفية التي استولت على اليمن وسعت لجعله مزرعة خلفية لنظام ملالي إيران.
ونظراً لكل هذه التطورات بعد عاصفة الحزم وما نتــج عنهـــا من حقائق على الأرض، صار التحالف العربي في اليمن حقيقـــة ثابتة يؤسس لمرحلة عربية جديدة تقوم على تحديث مفهوم الأمن القومي العربي، ويفتح الباب لتشكيل تحالف عربي أوسع يتجاوز مؤسسات الجامعة العربية التي شاخت، ويقدم العرب كرقم مهم وصعب في المعادلة الإقليمية والدولية.