أسعدتني مبادرة مكتبات دبي العامة، بإقامة أمسية ثقافية ضمن نشاطات معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي أقيم مؤخراً، وكانت بعنوان (جلسة الجوائز الثقافية).

ورغم أن هذه الجلسة تناولت بعض الجوائز، كجائزة الشيخة لطيفة لإبداعات الطفولة، وجوائز الشيخ محمد بن خالد، وجائزة مليحة الأدبية، وجائزة الأدب المكتبي، وجوائز رواق عوشة بنت حسين الثقافية، إلا أن الحديث عن الجوائز والاهتمام بها، هو بحد ذاته عملٌ يشكرون عليه، وهو ما حفزني أن أتحدث عن الجوائز في دولة الإمارات، وأهميتها ودورها العلمي والثقافي والمجتمعي،.

في تحفيز الطاقات وتشجيع القابليات، وخلق البيئة التنافسية الإيجابية لعطاءٍ نوعيٍّ ومميز، يضفي على حركة التطور والنمو الذي تشهده بلادنا، دفعات من القوة في العلم والفكر والمخترعات والابتكار.

ويجعل من دولتنا الناهضة، مركز استقطاب عربي وعالمي، حيث يُقبل على الجوائز الإماراتية في مختلف نواحي العلم والأدب والرياضة والمعرفة، آلاف من العلماء والأدباء والأكاديميين والفنانين والرياضيين والمؤسسات، وحتى الأطفال، ممن تحفزهم هذه الجوائز، ويجدون في أنفسهم القدرة على المنافسة.

فمنذ عهد والدنا، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، تم الإعلان عن عدة جوائز باسمه الكريم، ثم أصبحت تقليداً سنوياً لتكريم المبدعين، وتوالت على مدى الخمسين عاماً، مئات الجوائز من قبل أصحاب السمو، والدولة، ومؤسساتها الحكومية والقطاعات الأخرى. ولكل جائزة، كما هو معلومٌ، ركنان أساسيان، الركن المادي والركن المعنوي، وهذا هو السياق المعمول به في كل الجوائز في العالم، ومنها جوائزنا، والتي تقدر بعشرات الملايين من الدراهم، وأحياناً بالدولارات.

ولا أظن بلداً في العالم يهتم بمفهوم (الجوائز) وقدرتها على التحفيز وإطلاق القدرات الإبداعية، مثل بلادنا الإمارات، ولو حسبنا مئات الجوائز المحلية والعربية والعالمية التي تمنحها دولتنا الإمارات، لفاقت في مبالغها العديد من جوائز العالم، بما فيها جائزة نوبل العالمية.

فجوائز سنوية معتبرة، مثل جائزة الشيخ زايد للكتاب، وجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية، وجائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافي، وجائزة الشارقة للإبداع العربي، وجائزة الإمارات العالمية لشعراء السلام، وجائزة التحدي القرائي العربي، تعتبر هذه الجوائز وغيرها، مؤسسات فاعلة ومؤثرة في حركة الإبداع، وتحفيز المبدعين، واتسمت بسمعتها الرفيعة المستوى، ما جعل الآلاف من المبدعين يقبلون، وفعلاً يتنافسون.

لن يتسع المجال لذكر كل الجوائز، ولكني سأتطرق إلى جوائزنا في رواق عوشة بنت حسين الثقافي، وأثرها المجتمعي، فهذه الجوائز التي اعتاد الرواق تقديمها منذ سبعٍ وعشرين عاماً للأم المثالية والأب المثالي، وللشباب المبتكر، وأصحاب الهمم المبتكرين والمبدعين، استطاعت أن تشكل استقطاباً رائعاً للأسر والشباب وأصحاب الهمم.

فتردنا سنوياً أروع القصص عن تضحيات أمهات وآباء، استطاعوا أن يقدموا للوطن جيلاً من المتفوقين والمبدعين حتى صارت كل قصة، نموذجاً لأم ٍواصلت التعب والعمل ليل نهار، وتعرضت لشتى الضغوطات والعقبات، حتى أوصلت أبناءها إلى نيل أعلى الشهادات.

، والوصول لأعلى المراتب، تلك القصص التي أتمنى على كتاب السيناريو أن يطلعوا عليها لتكون مشاريع لأفلام وثائقية أو درامية، تصور كفاح هذا النوع من الأمهات المضحيات.

وكذلك الحال بالنسبة لأب، على سبيل المثال، توفيت زوجته، وتركت له ثلاثة من أصحاب الهمم يطعمهم ويلبسهم ويسقيهم ويعلمهم، حتى كبروا وتولت المراكز المجتمعية في ما بعد تعليمهم وتدريبهم، ليصبحوا أعضاء نافعين في المجتمع.

وما زلنا نهتم بهذه الجوائز، بالرغم من ظروفنا المادية، لما نراه من إقبالٍ وتنافس شديد عليها.

كما لا يفوتنا أن نثني على الجوائز التي تقدمها الدولة ومؤسساتها العلمية والثقافية والتربوية للأطفال المتميزين، ولأدب الأطفال ومعارفهم، وللكتابات في مجال الخيال العلمي، والجوائز التي تقدم للخريجين المتميزين في شتى المراحل الدراسية، من الروضة حتى الدكتوراه. وهناك جوائز وتكريمات للشباب المتطوع من الجنسين للعمل المجتمعي والإنساني في كافة المجالات.

بقي أن نقترح جائزة للمتقاعدين، تكون للمتقاعد الذي لم يركن إلى الراحة والسكينة، وهو محمّل بالخبرات وتجارب السنين، لكي نحفز فيه روح الإبداع والابتكار، ليستمر في العطاء. والفكرة متروكة لمن يتبناها، ونشد على يديه.