تشهد صناعة الألواح الكهروضوئية وتطبيقاتها ازدهاراً كبيراً حول العالم، وتسجل أسواقها ومبيعاتها تنامياً ملحوظاً، لا سيما خلال السنوات الأخيرة، ولن يكون مستغرباً أن نشهد قريباً إدراج الخلايا الشمسية في حياتنا اليومية والبنى التحتية التي نستخدمها كل يوم.

ويمكن أن نراها قريباً في زجاج نوافذ منازلنا ومكاتبنا، لتصير نوافذنا محطات لتحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء، ويصبح كل مبنى قادراً ذاتياً على إنتاج احتياجاته من الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة المتجددة مع المحافظة على البيئة.

وتتسابق مراكز البحوث والتطوير اليوم لإيجاد حلول مستدامة لتحسين كفاءة هذه الألواح وإطالة عمرها، من قبيل تخزين الطاقة الشمسية في البطاريات وروبوتات لتنظيف الألواح وأنظمة توجيه لتتبع الشمس، لرفع إنتاجية وكفاءة الألواح الكهروضوئية إلى الحد الأقصى الممكن.

ويمكننا القول إن العقد الماضي يعد بحق عصر الألواح الكهروضوئية، حيث لمسنا إقبال الأفراد والشركات في العالم على استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة، كما ازداد عدد الشركات التي تهتم بإنتاج وتصنيع هذه الألواح، حتى أصبح التنافس بينها في ذروته، وبتنا نقرأ يومياً أخباراً جديدة عن أحدث اختراعات وابتكارات الألواح الكهروضوئية، وأهم المزايا التي تقدمها هذه الشركات للمستخدمين.

وأصبحت صناعة الألواح الكهروضوئية وتطبيقاتها مصدراً مهماً لفرص العمل. ونفخر في دولة الإمارات العربية المتحدة بأننا كنا السباقين في مجال تبني استخدام تقنيات الطاقة النظيفة، وهناك العديد من الجهات الحكومية والشركات التي أثبتت ريادتها وتفوقها في هذا المجال على مستوى المنطقة والعالم.

ويعد مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية أكبر مشروع استراتيجي لتوليد الطاقة المتجددة في موقع واحد في العالم، حيث سيتم توليد 5000 ميجاوات بحلول العام 2030، وباستثمارات تبلغ 50 مليار درهم، وفق نظام المنتج المستقل (IPP)، وأسهم هذا النموذج في تحقيق أرقام قياسية عالمية في أسعار مشروعات الطاقة الشمسية، فوفق دراسة نشرتها مؤسسة نيكاي الاقتصادية اليابانية، ساهم اهتمام دولة الإمارات بإنتاج الطاقة المتجددة في تراجع تكلفتها عالمياً.

وسيعمل المجمع من خلال مشاريعه على تسريع التحوّل نحو تبنّي واستخدام الطاقة الشمسية. ونسعى في هيئة كهرباء ومياه دبي إلى إنجاز مراحل مشروع مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية وفق أعلى المعايير العالمية، وباستخدام أحدث التقنيات المعتمدة في مجال الطاقة الشمسية، بما ينسجم مع الرؤية الطموحة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتعزيز التحول نحو الاقتصاد الأخضر من خلال زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة.

وبدأت المرحلة الأولى من المجمع بقدرة 13 ميجاوات في 2013 باستخدام تقنية الألواح الكهروضوئية (PV)، وتم افتتاح المرحلة الثانية لإنتاج 200 ميجاوات من الكهرباء بتقنية الألواح الكهروضوئية في مارس 2017، على أن يتم إكمال تشغيل المرحلة الثالثة بقدرة 800 ميجاوات وبتقنية الألواح الكهروضوئية في عام 2020.

وتعد المرحلة الرابعة أكبر مشروع استثماري للطاقة الشمسية المركّزة في العالم، في موقع واحد، وفق نظام المنتج المستقل. ووصلت الاستثمارات الإجمالية لهذه المرحلة إلى 15.78 مليار درهم، لإنتاج 950 ميجاوات من الطاقة النظيفة، بتقنية منظومة عاكسات القطع المكافئ بقدرة إجمالية 600 ميجاوات من الطاقة الشمسية المركزة (CSP)، وبرج الطاقة الشمسية المركّزة بقدرة 100 ميجاوات.

بالإضافة إلى ألواح شمسية كهروضوئية بقدرة 250 ميجاوات. وسيتم بناء أعلى برج لإنتاج الطاقة الشمسية في العالم بارتفاع 260 متراً، وأكبر قدرة تخزينية للطاقة الشمسية لمدة 15 ساعة، ما سيسمح بإنتاج الطاقة الكهربائية على مدار 24 ساعة.

وبدعم من المجلس الأعلى للطاقة في دبي، وبلدية دبي، والقيادة العامة لشرطة دبي، ومؤسسة محمد بن راشد للإسكان، تتولى هيئة كهرباء ومياه دبي مسؤولية تنفيذ البند السابع من «وثيقة الخمسين» التي أصدرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله.

ونعمل على تنفيذ برنامج متكامل لتجهيز أنظمة متكاملة لتحقيق اكتفاء ذاتي من الغذاء والطاقة والمياه في عُشر منازل المواطنين على الأقل، تغييراً لنمط الحياة، وحفاظاً على البيئة، ونهدف لخلق قطاع اقتصادي جديد يدعم اكتفاءً ذاتياً من الطاقة والغذاء والماء.

ويجري تنفيذ هذا المشروع الرائد الذي سيسهم في تعزيز سعادة مواطني دبي في إطار مبادرة «شمس دبي» التي أطلقتها هيئة كهرباء ومياه دبي دعماً لمبادرة «دبي الذكية» التي تهدف إلى تحويل دبي إلى المدينة الأذكى والأكثر سعادة في العالم.

وتسعى المبادرة إلى تشجيع أصحاب المباني على تركيب الألواح الشمسية الكهروضوئية لإنتاج الطاقة النظيفة وربط الأنظمة بشبكة الهيئة. وقد حققت المبادرة نجاحاً كبيراً منذ إطلاقها، حيث انتهت الهيئة حتى 31 يوليو 2019 من ربط 1328 مبنى في دبي بشبكة الهيئة بقدرة إجمالية تصل إلى 102.1ميجاوات.

ولتحقيق الأهداف الطموحة لاستراتيجية دبي المتكاملة للطاقة النظيفة لتوفير 75% من الطاقة في الإمارة من مصادر نظيفة بحلول عام 2050، نحتاج إلى مواصلة العمل لنصل إلى قدرة إنتاجية تزيد عن 42 ألف ميجاوات من الطاقة النظيفة والمتجددة، وإلى تضافر الجهود لتحويل دبي إلى مركز عالمي للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر.

والوصول بها إلى المرتبة الأولى عالمياً بين المدن الأقل في البصمة الكربونية وترسيخ الاستدامة باعتبارها خارطة طريق لضمان مستقبل أكثر إشراقاً وسعادة في دبي.

* نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي، والعضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي