مازالت هناك فجوة ملحوظة في الرواتب بين الجنسين حول العالم، فصحيح أن النساء التحقن بركب العمل متأخراً، في شتى بقاع المعمورة، مقارنة بالقرون السابقة، إلا أن ذلك لا يبرر تقاضي المرأة راتباً أو حوافز مادية أدنى من الرجل، وهي التي تشكل نصف خريجي الجامعات والمعاهد والمدارس في بلدان عديدة.

أذكر أنه في عام 2017 هاجم أعضاء لجنة المرأة والمساواة بمجلس العموم البريطاني الحكومة لفشلها في إجراء إصلاحات ملموسة تقلص فجوة الأجور بين الرجل والمرأة، غير أن المشكلة ما زالت قائمة في بلاد الإنجليز والولايات المتحدة وأوروبا.

مقدمة برنامج «مرصد الأخبار» سميرة أحمد كسبت قبل أيام قضية شهيرة رفعتها ضد «بي بي سي» بسبب تقاضي زميلها «جيريمي فاين» لأجر عن برنامجه «وجهات نظر» يفوق أجرها بستة أضعاف، فكانت تتساءل بأي حق يتقاضى زميلها ثلاثة آلاف جنيه استرليني للحلقة الواحدة في حين أنها تتقاضي 440 جنيها لحلقتها؟ فحكمت المحكمة لصالحها.

ويقاس الفارق بين الجنسين بنسبة راتب المرأة إلى الرجل كمتوسط، فتبين مثلاً أن سلطنة عمان تتقاضى فيها النساء 79% من راتب الرجال، ومصر 77%، والبحرين 69%، والكويت 66%، ولبنان 61%، والسعودية 56%، والمغرب 57% وموريتانيا 43%، وذلك حسب تقرير أعدته الباحثة باميلا كسرواني بناء على مؤشر الرواتب العالمي 2013، ولا أتوقع أن تكون الأرقام الحديثة قد أزالت تلك الفجوة.

الخبر غير السار أن تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي الصادر في ديسمبر 2019 يشير إلى أن سد الفجوة بين الجنسين في العمل على جميع الصعد سيتطلب نحو قرنين بالرغم من تصاعد المطالبات بالمساواة في الأجور حول العالم.

وتبين أن نصف النساء البالغات في العالم (55%) ينخرطن حالياً في سوق العمل مقارنة بنسبة 78% من الرجال، وتتقاضى النساء رواتب أدنى بنسبة 40% ولا شك في أن جلها في العالم النامي.

والفجوة ليست مادية فحسب فهناك فجوات تعليمية، واقتصادية، وسياسية وغيرها. وقد تصدرت الكويت وتونس قائمة الدول العربية في ذلك، ولمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع إلى تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي.

وإذا استمرت المرأة لا تشكل سوى 10 في المائة من السلك الإداري في الوطن العربي، وابتعدت عن دوائر صنع القرار فإن معاناتها قد تتفاقم، فلا بد للنساء أن يطالبن بحقوقهن المادية بكل الوسائل المشروعة في القانون، وأن يظهرن أفضل ما لديهن.

وفي المقابل، يجب على معشر الرجال مراعاة طبيعة المرأة ومتطلباتها، فهي موظفة بدوام كامل (full-time) في العمل، وكذلك الحال في المنزل مع التزاماتها، وهذا لا يعني تحميلها فوق طاقتها، فضلاً عن محاربتها في رزقها.

المؤلم أن النساء حول العالم لا يتقاضين أكثر 50 في المائة من متوسط رواتب الرجال «رغم أنهن يعملن لساعات أطول من الرجال آخذين بالاعتبار العمل المأجور وغير المأجور» وفق تقرير سابق للمنتدى الاقتصادي.

وإذا لم تبدأ الدول العربية اليوم بحل مشكلاتها، فإن ذلك سيطيل أمد كل المشكلة.