لا شك أن الوضع المعقد الذي تشهده ليبيا هو نتيجة أجندة الخارج وهشاشة الداخل وعجز الدول العربية عن حماية هذا البلد واكتفائها بدور الوساطات دون خلق قوة ردع عربية لحماية أرض عمر المختار من التكالب الغربي، وكان آخرها محاولة الأتراك إحياء الإرث العثماني بعقد اتفاقية احتلال لليبيا.
أهداف اللاعبين الكبار في الساحة الليبية تتمثل في إحداث الفرقة والوقيعة بين المكونات السياسية الليبية بما يعبّد الطريق لنشر الفوضى وتكريس التدخل الأجنبي، وهذا على نفس سيناريو سوريا، فليبيا ضحية لتدخل خارجي باسم الشرعية الدولية التي كانت من المفروض أن تقف إلى جانبه وتحميه من حالة الفوضى والحرب بين الأخوة، لكن هذه القوة المتدخلة عملت على إعادة قوى الإسلام السياسي للمشهد على حساب القوى الشرعية، في ظل غياب حقيقي للدولة الليبية يمكنها من الإفلات من سيطرة القوى الخارجية والتحرر من تبعيتها.
الأطماع الخارجية في ليبيا هي سبب عدم حل الأزمة إلى الآن سواء سياسياً أو عسكرياً، وهي سبب انتشار الأسلحة وتسلط الميليشيات، وهي سبب فشل كل حوارات الوساطة، ولذلك فقد آن الأوان لتحرك عربي حقيقي في الميدان الليبي، فلا يمكن أن تبقى متفرجة على تقاسم الغرب الكعكة.
العرب قادرون على لعب دور قوي على جميع المستويات، من أجل حل ميليشيات تركيا ومرتزقتها في طرابلس، ووقف إطلاق نار دائم وتمهيد الطريق أمام حل سياسي، ومرافقة الأشقاء الليبيين للتوصل إلى تسوية شاملة للوضع في البلاد بأبعاده الأمنية والسياسية والاقتصادية والإنسانية.
فقد حان الوقت لاستخلاص الدرس من سوريا التي فاقمت التدخلات التركية من أزمتها، وكتابة تاريخ جديد في ليبيا عنوانه الأمن الليبي من الأمن القومي العربي.