الولايات المتحدة على موعد مع انتخابات كبرى وحاسمة في هذا العام من 2020. وعادة ما تجرى انتخابات في الأعوام الزوجية ويشرع في ممارسة المنصب في السنة الفردية التي تلي الانتخابات.
وبين هذه السنوات سنة انتخابات رئاسية كل أربع سنوات يُختار فيها رئيسٌ جديدٌ، أو يُجدّد لرئيس لفترة ثانية وأخيرة.
ويعقد تزامناً مع الانتخابات الرئاسية انتخابات تشريعية لكل أعضاء مجلس النواب البالغ 435 عضواً. ويجدد لكل الأعضاء كل سنتين. بينما يصوت كل سنتين لثلث أعضاء مجلس الشيوخ البالغ 100 عضو. حيث يخدم كل عضو فترة ست سنوات ممكن تجديدها إلى أن يتقاعد العضو من المجلس.
الحكمة من جعل انتخابات مجلس الشيوخ لثلث الأعضاء كل سنتين بدلاً من كل الأعضاء المائة هو منع تغير كلي ومفاجئ لمجلس الشيوخ والذي يعد الهيئة العليا في الكونغرس والمفروض أن يوازن النزعات الشعبوية لمجلس النواب.
ويختلف مجلس الشيوخ عن مجلس النواب بأنه يمثل كل ولاية في الاتحاد (خمسين ولاية) بشكل متساوٍ، أي عضوين عن كل ولاية. بينما التمثيل في مجلس النواب تمثيل نسبي لكل الولايات الأمريكية. وعلى هذا الأساس تمتلك الولاية ذات السكان الأكبر ممثلين أكثر من الولايات الصغيرة. فعلى سبيل المثال يمثل ولاية كاليفورنيا وهي الأكبر من ناحية السكان 53 نائباً. بينما يمثل ولاية صغيرة مثل رود آيلاند نائبين فقط.
ويتميز مجلس الشيوخ عن مجلس النواب بسلطة الموافقة على الاتفاقيات. كما أنه يوافق على تعيين الوزراء، ووكلاء الوزارات ومساعدي الوزراء. والأهم من ذلك موافقتهم على تعيين أعضاء المحكمة العليا والتي تعتبر أعلى سلطة قضائية في البلاد.
ورغم أهمية الانتخابات التشريعية لهذا العام إلا أن الانتخابات الرئاسية تطغى على المشهد السياسي الأمريكي. ويعود ذلك لأهمية منصب الرئاسة والتي تتكالب عليه جميع القوى السياسية الأمريكية. ويتمتع الرئيس الأمريكي بسلطات كبيرة في الداخل والخارج، وهو محط الاهتمام الوطني رغم مبدأ فصل السلطات وتوازنها.
وفي هذا العام الانتخابي بالذات، هناك استقطاب رهيب بين القوى السياسية الفاعلة بسبب الرئيس دونالد ترامب ومواقفه الخلافية. ويحشد الجميع لهذا الحدث العظيم في نوفمبر من هذا العام. وعادة ما تعقد الانتخابات العامة في أول ثلاثاء من شهر نوفمبر والذي يصادف 3 نوفمبر من هذا العام.
ويرى الكثير أن حظوظ الرئيس ترامب بدأت تتعاظم لإعادة انتخابه لفترة ثانية. وأن اتهامه من قبل خصومه الديمقراطيين في مجلس النواب وتبرئته من قبل الجمهوريين في مجلس الشيوخ سيقوّي من قاعدته الانتخابية؛ بل سيكون عامل استنفار حقيقياً لإعادة انتخابه.
وحصل الشيء نفسه حين اتهم بيل كلينتون في العام 1998 من قبل مجلس النواب المسيطر عليه حينها من قبل الجمهوريين. فقد تعزز شعبية الرئيس كلينتون كردة فعل لتسييس الاتهامات الموجهة إليه.
ومما يعزز من فرص ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة الأداء الاقتصادي. فبالإضافة إلى النمو الاقتصادي الذي تشهده الولايات المتحدة، فإن معدل البطالة انخفض إلى 3.5%، والذي يعد من أخفض المعدلات منذ 1969.
ولا يبدو أن الديمقراطيين لديهم مرشح قوي يستطيع هزيمة ترامب. وتشير نتائج الانتخابات الأولية للحزب الديمقراطي، والذي سيفرز المرشح الرئاسي للحزب، أن المتقدمين حسب هذه الانتخابات وهما بيرني ساندرز وبيت بوتيدجيدج لن يتمكنا من استقطاب الأصوات المعتدلة بسبب آرائهم الاجتماعية والاقتصادية.
وكما هو معروف، فإن ترامب يستطيع كسب الانتخابات بأصوات أقل من خصمه الديمقراطي كما فعل مع هيلاري كلينتون. حيث إنه من المرجح أن يكسب الأصوات الكلية للولايات المختلفة والتي يحتاج إلى 270 من الأصوات لنيل الرئاسة.
وبالنسبة لسباقات المجلس التشريعي، فإن هناك احتمالاً أن يحتفظ الديمقراطيون بأغلبية في مجلس النواب ولكن بنسبة أقل. وفي مجلس الشيوخ، فهناك توقع أن يحافظ الجمهوريون على أغلبيتهم ولو بنسبة أقل. فالتوقع هو خمسين مقعداً للجمهوريين و46 للديمقراطيين، وأربعة مقاعد متأرجحة بين الحزبين.
هذا ملخص الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة لعام 2020. ولكن يبقى النظام السياسي معلولاً بشكل بنيوي ولا يمكن إصلاحه إلا بخطوات تغيير هيكلي للنظام السياسي. وتكاد أن تكون عملية الإصلاح هذه من المستحيلات، حيث تستفيد قوى سياسية كبيرة من التركيبة الحالية.
سنرى ما ستكشفه لنا الأيام عن هذه الانتخابات. وإن غداً لناظره قريب!
* كاتب وأكاديمي