في الجزء الأول من هذا المقال الذي سبق نشره تناولنا الظروف الحالية التي يمر بها العالم، والتي فرضها فيروس كوفيد 19 وألجأت جميع دول العالم إلى فرض الحجر الصحي على جميع المواطنين والمقيمين بها.
ومن ثم توقفت العملية التعليمية التقليدية. وقد بدأت جامعة حمدان بن محمد الذكية في وضع استراتيجية «الإمارات تُعلّم العالم» من أجل مساعدة كافة المؤسسات التعليمية حول العالم لاستئناف العملية التعليمية من خلال اتباع أسلوب التعليم الذكي.
عندما بدأتُ في جامعة حمدان بن محمد الذكية التخطيط لتطبيق استراتيجية «الإمارات تُعلم العالم» كنت أُدرك تماماً أن دبي جزء من الإمارات، وأن الإمارات جزء من العالم العربي، وأن العالم العربي جزء من العالم، لذا فإن الرؤية بلا حدود، ولكنها واضحة أمامي تماماً وأعرف جيداً من أين وكيف أبدأ، ذلك أني تعلمتها من سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وبالتحديد من كتابه القيم «رؤيتي: التحديات في سباق التميز» حيث يقول سموه في الصفحة (218) ما نصه «نحن لسنا في سباق مع الآخرين فقط بل في سباق مع أنفسنا وفي سباق مع الزمن. الدنيا فرص تُغتنم ولا تُترك، والتنمية لا تتوقف لذا ليس لدينا أين ومتى.
دبي جزء من الإمارات، والإمارات جزء من العالم العربي والعالم العربي جزء من العالم لذا فإن الرؤية بلا حدود لأن الأفق بلا حدود، فكلما اقترب الإنسان منه رسم الأفق لنفسه حدوداً جديدة يجب على صاحب الرؤية أن يواكبها بتطلعات جديدة لكي يُسهم هو وبلده في صنع الفرص الإنسانية الواسعة».
كان علينا في الجامعة أن نسهم مع وطننا في صنع الفرص الإنسانية الواسعة، فقد بدأنا بإطلاق دورة للمعلمين الناطقين بالعربية من أبناء الإمارات والوطن العربي تحت عنوان «كيف تصبح معلماً عن بعد في 24 ساعة» حيث تم طرح هذه الدورة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بالدولة وبدعم جاد ومؤثر من جانبها، بهدف احتواء توقف عملية التعليم التقليدي.
وقد حظيت هذه الدورة بإقبال كاسح من جانب المعلمين حتى أن عدد الذين سجلوا لحضورها تجاوز 110,000 معلم خلال فترة قصيرة من بدء الإعلان عنها.
وقد ذاع صيت هذه الدورة وما حققته من نجاح منقطع النظير تجاوز حدود الإمارات والوطن العربي، حيث بدأت الجامعة تتلقى طلبات من دول غير ناطقة بالعربية لمساعدتها على تخطي تداعيات فيروس كوفيد 19، ودعمها لإنقاذ العملية التعليمية لديها من التوقف، وكان ذلك من خلال إدارة المنظمات والعلاقات التعليمية الخارجية بوزارة التربية والتعليم بالدولة.
ومن هنا بدأت الإمارات انطلاقة جديدة لتطوير استراتيجيتها «الإمارات تُعلم العالم» حيث قامت الجامعة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، ومعهد اليونسكو لتقنيات المعلومات في التعليم بإطلاق دورة «كيف تصبح معلماً عن بعد في 24 ساعة» بأربع لغات أجنبية هي الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية، هذا بالإضافة إلى اللغة العربية، وهي اللغة الأصلية التي انطلقت بها الدورة لأول مرة.
وبالتالي فإن الدورة أصبحت الآن متاحة بخمس لغات، وهي خطوة هائلة تستهدف تمكين المعلمين في الدول الناطقة بإحدى هذه اللغات الخمس من الدخول إلى عالم التعليم الذكي، الأمر الذي سوف يمكنهم من الاستفادة من معطيات التكنولوجيا المتطورة من خلال توفير التعليم للجميع في ظل الأزمة الحالية، دون أن تتوقف العملية التعليمية تحت أي ظرف.
كما قامت الجامعة بعقد ندوة عبر الوسائط الإلكترونية تحت عنوان «تطبيقات التعليم الذكي في جامعة حمدان بن محمد الذكية» وتحت رعاية «اتحاد الجامعات العربية» حضرها أكثر من 500 معلم من مختلف الجامعات العربية، وكانت تستهدف التعريف بمميزات التعليم الذكي وتطبيقاته في الجامعة.
وفي إطار دعم العملية التعليمية في القارة الإفريقية لا سيما في ظل الظروف الحالية انضمت الجامعة إلى كوكبة من أهم المنظمات والمؤسسات التعليمية العالمية وكبريات شركات التكنولوجيا في ندوة أقيمت مؤخراً عبر الوسائط الإلكترونية لمناقشة كيفية تعزيز المساهمة البناءة في إنجاح جهود منظمة اليونسكو في دعم التعليم في قارة أفريقيا، وقد أعربت الجامعة عن استعدادها لتقديم دورات تدريبية مجانية عبر الوسائط الإلكترونية لأعضاء الهيئات التدريسية والتعليمية في المدارس والجامعات الإفريقية التي ترشحها منظمة اليونسكو.
حقاً لقد استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة أن تلقي بطوق النجاة إلى العديد من دول العالم لتمكينها من تجاوز المحنة الراهنة التي تعاني منها، وراحت تعلم أبناءها من المعلمين كيف يواصلون مهمتهم التعليمية عبر الوسائط الإلكترونية بغير توقف أو انقطاع، ونجحت في تطبيق استراتيجية «الإمارات تُعلم العالم» بشكل منقطع النظير، وأثبتت أنها دولة كبرى بمواقفها الإنسانية الراقية الرامية إلى مساعدة غيرها من الدول في مختلف البقاع، وأنها دون أدنى شك صاحبة اليد العليا ولها باع طويل في التعليم الذكي.
بعد أن قرأ «راشد» المقال تهلل وجهه بالبشر وهتف قائلاً: صدقت والدي، والله لم تجاوز الحقيقة أبداً، أشهد أن «الإمارات تُعلِّم العالم».