لا يسعنا الفرح ونحن نرى طلابنا وطالباتنا وقد تخرجوا في المرحلة الثانوية، مبتهجين بنتائجهم التي تُفرح القلوب، بعد أن جَدُّوا واجتهدوا وتفوقوا وتحلوا بقيم الطموح والحس الرفيع بالمسؤولية وقوة العزيمة والإرادة، كما نبارك لسائر أبنائنا وبناتنا الطلبة الذين أثبتوا جدارتهم بتفوقهم وتميزهم في نتائجهم الدراسية في مختلف المراحل، وأثبتوا أنهم بحق جيل مبدع خلاق قادر على مواجهة التحديات والتغلب عليها، وهذا ما أثبتوه في عملية التعلم عن بُعد، وسرعة تأقلمهم ومواكبتهم لهذا النهج التقني الذكي، فكانوا بحق تيجان فخر وشرف.إن هذه النتائج المبهجة والمهارات الإبداعية الخلاقة لدى أبنائنا وبناتنا الطلبة لهي ثمرة من ثمرات جهود القيادة الحكيمة واستراتيجياتها الملهمة في بناء الإنسان في شتى المناحي، وخاصة عبر الجودة في التعليم والارتقاء المستمر لهذا الميدان الحيوي، ودعم الطلبة وتشجيعهم وتحفيزهم عبر شتى المبادرات، لخلق جيل متسلح بأرقى مبادئ العلم والمعرفة وتأهيلهم للانطلاق لبناء مستقبل مشرق لهذا الوطن.
ولا أدل على ذلك من حرص دولة الإمارات على إكمال مسيرة التعليم رغم أزمة كورونا التي عصفت بالعالم بأسره، وشلَّت كثيراً من المؤسسات والخدمات في شتى بقاع الأرض، حتى حُرم من التعليم ملايين الطلاب في مختلف البلدان، إلا أن الوضع في الإمارات كان مختلفاً تماماً، ليس على مستوى التغلب على هذا التحدي وتداعياته فقط، بل على مستوى تحويل التحدي إلى فرصة ذهبية لتطوير منظومة التعليم الذكي، وتزويد الطلاب بالمهارات التقنية، ودعمهم حتى واكبوا ذلك وأبدعوا فيه.
وهذا النجاح يترجم جهود مؤسسات الدولة، وخاصة وزارة التربية والتعليم، التي وفرت كل التسهيلات للطلبة، وأتاحت لهم مختلف الفرص لتطوير مهاراتهم، وتقديم التوجيهات المستمرة لهم، وتدريبهم على كيفية أداء الامتحانات عن بعد، وتذليل الصعاب أمامهم، فكان الطلبة بأيد حانية أمينة، وهو ما كان له أبلغ الأثر في نفسيتهم وتشجيعهم وتحفيزهم وتبديد مخاوفهم وبث الثقة والطمأنينة فيهم، كما يترجم هذا النجاح جهود مختلف المنشآت التعليمية في الدولة وكوادرها وخاصة المدرسين والمدرسات الذين كانوا خير عون وسند للطلبة في مشوار تميزهم الدراسي.
ومن أبرز أسباب نجاح هذه التجربة التعليمية المتميزة دور الأسرة في دولة الإمارات، والتي وقفت جنباً إلى جنب مع المؤسسات التعليمية، بدعم أبنائهم وبناتهم، وتشجيعهم، وتهيئة الأجواء المناسبة لهم، وهو ثمرة من ثمرات استراتيجية دولة الإمارات في دعم الأسرة وتعزيز دورها الإيجابي في الارتقاء بالمجتمع، وسياساتها ومبادراتها في تنمية الإنسان وغرس روح التحدي والتنافس على المراكز الأولى وتحقيق الصدارة في التنافسية العالمية في المجالات كافة.
ويزداد سرورنا ونحن نرى مستوى الوعي لدى طلابنا وطالباتنا المتخرجين، وعمق شعورهم بالمسؤولية، وطموحهم اللامحدود ونظرتهم الاستشرافية في خدمة وطنهم ورد الجميل إليه وإكمال مسيرتهم في دروب العلم والمعرفة، ومن مظاهر ذلك إقبال كثير منهم على العديد من التخصصات ذات الأولوية كالطب والصيدلة والهندسة الوراثية والهندسة التكنولوجية وعلوم البرمجيات وعلوم الفلك والفضاء والهندسة النووية والاقتصاد وغيرها.
ويطيب لي بهذه المناسبة أن أقول لطلابنا المتخرجين: لقد اجتهدتم فأحسنتم، وتغلبتم على التحديات وأبدعتم، وها أنتم تقتطفون ثمار جهودكم، فرحاً وسعادة وابتهاجاً، أسعدتم أسركم، فهي ترفع رؤوسها بكم افتخاراً، وأفرحتم وطنكم وقيادتكم، فهي تعتز بكم، وها هي الجامعات والكليات تفتح أبوابها لكم، لتكملوا مسيرتكم المشرقة، وتحجزوا لأنفسكم مقاعد في مقدمة قاطرة صناع التقدم والازدهار.
واعلموا أيها الطلاب المتفوقون أنكم بناة المستقبل وقادة الغد، وعليكم تنعقد الآمال، فاحرصوا كل الحرص على الإبداع والتألق المستمر في مسيرتكم التعليمية، واختيار التخصصات التي تناسبكم وتنفع مجتمعكم ووطنكم، واعملوا باستمرار على تنمية مهاراتكم، واغتنموا أوقات إجازاتكم وفراغكم فيما ينفعكم، لتكملوا مسيرة إنجازات وطنكم السعيد.
إن من ينطلقون إلى الفضاء اليوم هم طلاب الأمس الذين اجتهدوا وتفوقوا وتحلوا بروح الطموح والعزيمة والإصرار، وأنتم اليوم على خطاهم سائرون، لتملأوا الأرض إنجازاً، وتسطروا الأمجاد في فضاء هذا العالم البديع.
* رئيس مركز جلفار للدراسات والبحوث