آلن ليختمان مؤرخ وأستاذ بالجامعة الأمريكية في واشنطن العاصمة، دأب على متابعة الانتخابات الرئاسية الأمريكية منذ فترة بعيدة، وعلى غير عادة المؤرخين الذين يسردون التاريخ ويقدمون التفاسير لأحداث حصلت، فإن ليختمان يتوقع ماذا سيحصل في المستقبل.
وقد استطاع أن يتنبأ بالسباق الرئاسي بشكل صحيح منذ 1984، حين واجه الرئيس الجمهوري رونالد ريغان خصمه الديمقراطي والتر مانديل. ولعل أغرب ما توقعه هو فوز الرئيس الحالي دونالد ترامب في انتخابات 2016، ولكنه قال إنه ستوجه له اتهامات من قبل الكونغرس؛ وهذا ما حصل فعلاً. وقد كتب له ترامب ملاحظة بعد أن فاز في الانتخابات، هنأه على توقعه الصحيح، وكذّبه بشأن الإدانة المقبلة.
وقبل الحديث عن توقعاته للانتخابات الحالية، دعونا نتعرف على النظام الذي طوره ليختمان لمعرفة نتائج الانتخابات سلفاً.
ومن واقع الانتخابات الرئاسية منذ القرن التاسع عشر، استخلص ليختمان 13 مفتاحاً للفوز بالبيت الأبيض. وبمجرد وضع علامة صواب أو خطأ، تستطيع أن تتعرف على نتائج الانتخابات الرئاسة. إذا كان هناك خمسة أو أقل من هذه المفاتيح خطأ، فإن الرئيس الحالي يفوز بالانتخابات. أما إذا كانت الأخطاء ستة أو أكثر على جواب المفاتيح، فإن المرشح المنافس يفوز.
المفتاح الأول، التفويض الحزبي: الحزب الحاكم له مقاعد في مجلس النواب أكثر من الانتخابات النصفية السابقة. المفتاح الثاني، المنافسة: عدم وجود منافس جدي للرئيس الحالي من داخل الحزب. المفتاح الثالث، حزب الرئيس الحالي، هو الحزب الحاكم (الجمهوري). المفتاح الرابع، مرشح ثالث: وجود مرشح قوي من حزب ثالث.
أما المفتاح الخامس فهو الاقتصاد على المدى القصير: الاقتصاد ليس في كساد حال الحملة الانتخابية. السادس، الاقتصاد على المدى البعيد: نمو حقيقي في دخل الفرد في فترة الرئاسة الحالية تساوي أو تزيد على متوسط الفترتين الرئاسيتين السابقتين.
المفتاح السابع تغير في سياسة الدولة: أحدثت الإدارة الحالية تغير في سياسة الدولة. المفتاح الثامن، السخط الاجتماعي: وجود اضطرابات اجتماعية مطولة خلال الفترة الرئاسية. المفتاح التاسع، الفضيحة: الإدارة تعاني من فضيحة رئيسة.
المفتاح العاشر السياسة العسكرية أو الخارجية: فشل ذريع في السياسة الخارجية أو العسكرية. المفتاح الحادي عشر السياسة العسكرية أو الخارجية: الإدارة الحالية تحرز على نصر مؤزر في السياسة الخارجية أو في حملة عسكرية.
المفتاح الثاني عشر الرئيس الحالي يتمتع بكارزيما أو أنه بطل قومي. الأخير، المفتاح الثالث عشر: الخصم المرشح المنافس للرئيس الحالي يتمتع بكارزيما أو أنه بطل قومي.
وبهذه المفاتيح الثلاثة عشر استطاع هذه المؤرخ أن يتنبأ في كل الانتخابات الرئاسية بشكل صحيح، إلا انتخابات 2000 بين جورج بوش الابن وآل جور. فقد كان توقعه أن الأخير سيهزم جورج بوش الابن، ولكن بوش فاز بالبيت الأبيض رغم تأخّر ظهور النتائج.
ويقول في هذا الشأن إن السبب مردّه، ما شاب الانتخابات من أخطاء رجحت كفة بوش، ويرى أنه لو أن أصوات الناخبين فرزت بشكل صحيح في ولاية فلوريدا لظهر أن آل جور هو الفائز.
وعند تطبيق هذه المفاتيح على الانتخابات الحالية بين ترامب وبايدن، فإن سبعة أخطاء تعتري هذه المفاتيح، كما يقول ليختمان. الخطأ الأول، عدم وجود تفويض حزبي. والثاني والثالث هو سوء الأداء الاقتصادي على المدى القريب والبعيد. أما الرابع فهو الاضطرابات الاجتماعية التي صاحبت احتجاجات السود بعد مقتل جورج فلويد.
والخامس يتعلق بالفضائح السياسية التي صاحبت الإدارة من يومها الأول. وسادس الأخطاء ليست هناك منجزات في السياسة الخارجية أو العسكرية. والسابع الرئيس الحالي لا يتمتع بشخصية كارزماتية، ولا يراه أحد كبطل قومي.
هل ستصدق نبوءة ليختمان هذه المرة أيضاً. لقد راهن الكثير ضد ترامب مرات ومرات ولكن خيبت آمالهم. سنرى ماذا ستسفر عنه الأيام القليلة المقبلة رغم الشواهد والدلائل الكثيرة على خسارة الرئيس الحالي ترامب.
* كاتب وأكاديمي