انتهجت دولة الإمارات منذ بزوغ فجرها الساطع على يد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، نهج السلام والتسامح والتعايش.
وترجمت ذلك عملياً عبر سياساتها الداخلية والخارجية وتعاملها المتميز مع جيرانها وأشقائها وأصدقائها ومع العالم أجمع، وأطلقت العديد من المبادرات لتعزيز السلم في المجتمعات، انطلاقاً من إيمانها العميق بأن السلام ركيزة أساسية لنهضة الدول وبناء المجتمعات.
إن هذه الرؤية التي شيّدها القادة المؤسسون وسارت على نهجها القيادة الحكيمة هي رؤية حضارية لا غنى لأي مجتمع عنها، فبالسلام تتعايش الأمم مع بعضها البعض على اختلاف ألوانها وأعراقها وأجناسها وأديانها، وبالسلام تتفرغ الدول للبناء والتنمية وتسخير كوادرها وإمكاناتها في مشاريع النهضة والازدهار وتوفير الحياة الكريمة لجميع أبنائها، وبالسلام تندحر قوى التطرف والإرهاب.
فلا تجد لها موطئ قدم ولا فرصاً للإفساد والتدمير والتوغل والاستقطاب، وأما عكس ذلك من الصراعات والحروب والفتن فلن تجلب إلا الكوارث والأزمات وتكوين البيئات الخصبة للإرهاب والتطرف والجرائم وانتشار رقعة الفقر والجوع والأمراض وإضعاف الجهود العالمية لمكافحة التحديات المشتركة.
وترسيخاً لمبادئ السلام العالمي حرصت دولة الإمارات منذ تأسيسها على تكوين أحسن العلاقات مع جيرانها وأشقائها وأصدقائها، وتعزيز قيم السلام في المحيط العربي والإسلامي والعالمي، ففيما يتعلق بالعلاقات مع الدول العربية قال الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: «إننا نفرح ونُسرُّ كلما سمعنا أنباءَ تآزرِ الأشقاء العرب، بل إن هذا التلاقي والتعاون هو أمنيتنا الكبرى».
كما أكد رحمه الله أهمية ترسيخ مبادئ السلام والاحترام المتبادل بين الدول الإسلامية، فقال: «أتمنَّى أن يعم السلام والرخاء والتطور العالم الإسلامي بأجمعه، وأن تتوحد كلمتهم وتتصافى قلوبهم».
وفيما يتعلق بالسلام العالمي بيَّن رحمه الله سياسة دولة الإمارات في ذلك، فقال: «ارتكزت سياستنا ومواقفنا على مبادئ الحق والعدل والسلام، منطلقين من إيماننا بأن السلام هو حاجة ملحّة للبشرية جمعاء»، ورداً على المتطرفين والإرهابيين الذين يشوهون الدين ولا يؤمنون بسلام ولا رحمة ولا تسامح، قال طيب الله ثراه مبيناً ما اشتملت عليه تعاليم الإسلام من الدعوة للسلام والاستقرار:
«الله الخالقُ خَلَقَ البشرية لليسر لا للعسر، خلقهم للعيش في سلم وأمان لا للقتال والعنف، والإسلام هو دين الغفران والمحبة، هو دين التسامح والرأفة».
وعلى هذا النهج المشرق انطلقت القيادة الحكيمة لدولة الإمارات في مسيرتها المشرقة، مؤكدة أهمية إحلال السلام في العالم، وإنهاء الصراعات والحروب، وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات العالمية المشتركة التي تهدد العالم أجمع، من أوبئة وتغيرات مناخية وغيرها، ونادت بذلك في مختلف المحافل الدولية، وسعت لذلك بكل ما تستطيع، حتى تكللت جهودها بتشييد اتفاقيات سلام تاريخية بين الدول.
ومن ذلك اتفاق السلام التاريخي بين دولة إريتريا وجمهورية إثيوبيا في يوليو 2018 بعد نزاعٍ دامٍ استمر لأكثر من عشرين عاماً، فكانت دولة الإمارات سبباً في إنهاء هذا الصراع، وبناء العلاقات الإيجابية بين الطرفين، والمساهمة في تعزيز الأمن والاستقرار في البلدين والمنطقة بشكل عام.
واستمرت دولة الإمارات في مسيرتها المشرقة من أجل السلام على كافة الأصعدة والميادين، سواء بدعمها لأشقائها ومساندتهم لمواجهة التحديات التي تستهدف أمنهم واستقرارهم، أو عبر شراكاتها مع المجتمع الدولي لتعزيز السلام والاستقرار في مختلف أرجاء العالم، أو عبر جهودها الإنسانية التي امتدت إلى مختلف أصقاع الأرض، أو عبر مكافحتها للإرهاب، ذلك العدو اللدود للسلام.
ومن هذا المنطلق نددت دولة الإمارات تنديداً شديداً بالحادث الإرهابي الإجرامي الذي طال الأبرياء في مطار كابل، من قبل التنظيم الإرهابي الأثيم داعش، الذي لم يبالِ بطفل ولا شيخ ولا رجل ولا امرأة، ضارباً بكل القيم الدينية والإنسانية عرض الحائط، في وحشية قلّ لها نظير.
وها هي مشاركة دولة الإمارات في «مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة» تأتي كمثال آخر على الجهود الإماراتية المشرقة في تعزيز السلام في المنطقة.
والتأكيد على دعم الحكومة العراقية ومكافحة الإرهاب، بمشاركة إقليمية ودولية، إيماناً من القيادة الحكيمة بأهمية تعزيز السلام في المنطقة وترسيخ التعاون المشترك بين الدول، لإطفاء نيران الصراعات، وبناء جسور حصينة ضد كل ما يخلُّ بالأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
* كاتب إماراتي