تخطو دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات واثقة نحو المستقبل.. تضع الأسس الصلبة والراسخة التي ستنطلق منها لتحقيق طموحاتها اللامحدودة للخمسين عاماً المقبلة، بعد أن صنعت نموذجها التنموي الرائد إقليمياً وعالمياً في الخمسين عاماً الماضية.

وضمن هذا السياق جاء الإعلان عن الحزمة الثانية من «مشروعات الخمسين»، والتي كان أبرز ما تضمنته هو تشكيل «مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية» برئاسة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، والذي سيتولى مسؤولية وضع خطط استراتيجية طويلة المدى لدعم المواطنين في القطاع الخاص بالإمارات.

ملف التوطين أو تعزيز مشاركة القوى العاملة الإماراتية في سوق العمل، ولاسيما القطاع الخاص، كان ولا يزال وسيظل يشكل أولوية للقيادة الرشيدة، فالهدف الأول والأسمى الذي تعمل من أجله الدولة والقيادة، هو تحقيق رفاهية وازدهار وسعادة المواطن الإماراتي وبناء قدراته ومواهبه وتزويده بالمهارات التي تساعده على مواكبة التطورات العالمية، وخدمة مسيرة التنمية الشاملة على أفضل وجه.

ولم تدخر الدولة جهداً في هذا الشأن، سواء من خلال التوسّع في إحلال العمالة المواطنة في المؤسسات والهيئات الحكومية الاتحادية والمحلية، أو من خلال إطلاق المبادرات التي تستهدف سد الفجوة الحاصلة في سوق العمل بالقطاع الخاص وإزالة الأسباب التي تمنع المواطنين من الاندماج فيه والعمل به، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر مبادرة «أبشر» التي تم إطلاقها عام 2013 تحت رعاية صاحب السمو رئيس الدولة وتقدم إطاراً استراتيجياً متكاملاً لتحقيق الاستقرار الأسري والاجتماعي للمواطنين ودعم السياسات والإجراءات الحكومية المتبعة في التوطين، وتنويع مجالات العمل أمام المواطنين.

وعلى الرغم من كل الإجراءات التي اتخذتها الدولة في السابق، فقد ظلت الفجوة الهيكلية التي يتميز بها سوق العمل الإماراتي قائمة من حيث تمركز أغلب المواطنين في القطاع الحكومي وهيمنة العمالة الوافدة في القطاع الخاص الذي يسمح بتوليد فرص عمل أكثر، ومن هنا جاءت الإجراءات الجديدة التي اتخذتها الدولة ضمن خططها المستقبلية لمعالجة هذه الفجوة من خلال تقديم حلول ناجزة وفاعلة لإزالة الأسباب التي كانت لا تزال تحول دون انضمام المواطنين لسوق العمل في القطاع الخاص، ولاسيما فجوة الرواتب والامتيازات والأمور المتعلقة بالتقاعد، حيث تم تخصيص 24 مليار درهم لاستيعاب 75 ألف مواطن في القطاع الخاص خلال السنوات الخمس المقبلة، بمعدل 15 ألف وظيفة سنوياً، وذلك ضمن البرنامج الحكومي لدعم القطاع الخاص (نافس)، والذي يتألف من 13 مشروعاً ومبادرة تنموية، من بينها تحمل الحكومة جزءاً من الرواتب ونسبة أكبر في صندوق التقاعد وإتاحة المجال للمواطنين الراغبين في التقاعد المبكر للتفرغ للعمل الخاص، ومنح علاوة لأبناء العاملين في القطاع الخاص، وتخصيص ميزانية سنوية لطرح برامج تدريبية للمواطنين وتطوير كفاءاتهم في قطاعات تخصصية مهمة، وغير ذلك من مبادرات جريئة ومبتكرة سيكون لها حتماً دورها المهم في تشجيع المواطنين على الانضمام لسوق العمل في القطاع الخاص، وتشجيع القطاع الخاص على استقطاب المواطنين.

ولا شك أن الكرة الآن في ملعب القطاع الخاص، الذي ينبغي عليه توفير الظروف والبيئة المناسبة لاستيعاب المواطنين، والتخلي عن النظرات السلبية التي كانت متحكمة في عقلية بعض من يديرون مؤسساته والتي تنظر للموظف المواطن باعتباره عبئاً، فأبناء الإمارات أظهروا كفاءات غير مسبوقة في الكثير من القطاعات الحيوية، ويمتلكون المهارات التنافسية القوية، وقبل ذلك يملكون الرغبة في تحقيق التقدم لبلدهم ووطنهم، ومن هنا تأتي مسؤولية القطاع الخاص في تحمل مسؤوليته ودعم التوجهات الحكومية في التخطيط لمستقبل مزدهر للإمارات يكون فيه المواطن هو الأولوية الأولى والثانية والثالثة كما أكدت القيادة الرشيدة.