يُعد التراث الشعبي أحدَ مقومات الهوية الإماراتية التي يعتبر الحفاظُ عليها والاعتزازُ بها واجباً وطنياً، وقد أولت الحكومةُ الاتحادية والحكوماتُ المحلية منذ قيام الدولة (1971م) اهتماماً بارزاً لحماية التراث الشعبي وصونه من الضياع والاندثار في غمار حركة التحديث والتطوير التي تشهدها البلاد للحاق بركب الأمم المتقدمة، بعد عقود وسنوات مديدة من التأخر في ميادين كثيرة استمرت قرابة 151 عاماً (1820 - 1971 م).

والتراث الشعبي، بشقيه المادي واللامادي، هو في نهاية الأمر (ثقافة) قابلة للانتشار والانحسار تبعاً للظروف الاجتماعية، وقد كان التراث الشعبي عند قيام الاتحاد أكثر حضوراً كواقع معاش منه اليوم بعد مضي نصف قرن على نشأة الاتحاد، حيث كان الكثير من مواطني الإمارات الذين عاشوا حياةَ ما قبل النفط لا يزالون على قيد الحياة، وهم في الحقيقـة حمَلةُ التراث الشعبي ورواتُه لكونهم متمرسين بأساليب الحياة التقليدية القديمة، وكانت معالم المجتمع القديم لا تزال ماثلةً في أذهانهم، وكان بإمكان الباحث أن يجد بسهولة ما يحتاجه من المصادر الشفاهية التي تُحدثه وبمصداقية عن مختلف شؤون الحياة قديماً، وتشكل مروياتها مادةً غزيرة للدراسة والتحليل، لكن ذلك الجيل القديم ما لبث أن تناقص أفراده باطِّراد عبر العقود التالية، وأصبح الفاصل الزمني كبيراً بين حاضرنا وبين نهاية عهد اقتصاد الغوص على اللؤلؤ آخر عقد الأربعينات من القرن المنصرم (لا يقل عن 70 عاماً) وخلال فترة تشييد صرح الاتحاد لم تكن هناك مؤسسات علمية مختصة بإعداد كوادر تضطلع بمهام جمعِ التراث الشعبي وتوثيقِه ودراستِه والحفاظ عليه والتعريف به محلياً وعالمياً، وإنما اضطلعت (وزارة الإعلام والثقافة) الناشئةُ وكذلك التلفزيونات المحلية بتوثيق مختارات من التراث الشعبي لتُبث كبرامجَ متلفزة أو إذاعية، وكان من بينها مجالسُ الشعراء في كل من أبوظبي ودبي، ولوحات الفنون الشعبية المختلفة (العيالة – المالد – الآهال – الرزيف – الهبان – الليوه..) إضافة إلى الرياضات الشعبية (مسابقات التجديف - سباق الهجن - الصيد بالصقور..) وعرض مسلسلات تعتمد اللهجة المحلية في الحوار.