يشير التقرير السادس، الذي أصدرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في أغسطس الماضي، إلى التحديات المناخية غير المسبوقة، التي تم رصدها، ويوضح أن خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل كبير ومستدام، يمكن أن يسهم في الحد من تغير المناخ، ولكن لا بد من تحقيق تخفيضات فورية وسريعة وواسعة النطاق، لإبقاء تجاوز مستوى الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية أو حتى درجتين مئويتين.
بتوجيهات القيادة الرشيدة، بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة مسيرة العمل من أجل المناخ منذ فترة طويلة، حيث انضمت لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في عام 1995، ومنذ ذلك الحين، أصدرت مجموعة كبيرة من التشريعات، وطورت العديد من خطط التنمية المستدامة، بما في ذلك التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة.
وتتوج مبادرة الإمارات لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، التي أعلنها سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولاقت ترحيباً أممياً وإشادة عالمية واسعة، جهود الدولة في الإسهام بإيجابية في قضية التغير المناخي، وتحويل التحديات في هذا القطاع إلى فرص واعدة، لضمان مستقبل أكثر استدامة وإشراقاً لأجيالنا القادمة.
وانسجاماً مع التزام إمارة دبي الراسخ بالاستدامة وتعزيزاً لدورها الاستباقي في دعم قضايا الطاقة وتغير المناخ، اعتمد سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي، دراسة شاملة أجراها مجلس دبي لمستقبل الطاقة حول كيفية تحقيق إمارة دبي للحياد الكربوني (صفرية الانبعاثات الكربونية) بحلول عام 2050، عبر استراتيجية وخريطة طريق واضحة، تعتمد على استخدام حلول وتقنيات الطاقة المتجددة والنظيفة وخلق الفرص الاستثمارية في مجال الاقتصاد الأخضر، وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية، ووجه سموه جميع الجهات المعنية في إمارة دبي بالبدء في تنفيذها.
تضاف هذه الخطوة المهمة إلى المشاريع الرائدة لتنويع مصادر إنتاج الطاقة النظيفة في دبي، والتي تشمل مختلف مصادر وتقنيات الطاقة النظيفة والمتجددة المتاحة، بما في ذلك الألواح الشمسية الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة، وإنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقة الشمسية، وتقنية الطاقة المائية المخزنة باستخدام الطاقة النظيفة، إضافة إلى دراسة تقنيات توليد الكهرباء من خلال الاستفادة من طاقة الرياح.
وتبلغ القدرة الإنتاجية الإجمالية لهيئة كهرباء ومياه دبي من الطاقة النظيفة حالياً نحو 10% من مزيج الطاقة في دبي، وستصل إلى 13.3% على مراحل حتى الربع الأول من عام 2022. ومن أبرز المشروعات التي ننفذها مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، وفق نظام المنتج المستقل، وستبلغ قدرته الإنتاجية 5000 ميجاوات بحلول عام 2030 باستثمارات إجمالية، تبلغ 50 مليار درهم.
وقد أسهمت هذه الجهود في انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في إمارة دبي بنسبة 22% في عام 2019، قبل عامين من الموعد المستهدف في استراتيجية دبي، للحد من الانبعاثات الكربونية 2021 لتخفيض الانبعاثات بنسبة 16% بحلول عام 2021.
إضافة إلى مشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة، تسهم الإمارات في تعزيز التحول نحو الاقتصاد الأخضر على المستوى العالمي، وتحت رعاية سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، نظمت هيئة كهرباء ومياه دبي والمنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر مؤخراً الدورة السابعة من القمة العالمية للاقتصاد الأخضر في دبي، تحت شعار «حشد الجهود لمستقبل مستدام» وركزت على أربعة محاور رئيسة هي: «الشباب»، و«الابتكار والتكنولوجيا الذكية»، و«سياسات الاقتصاد الأخضر»، و«التمويل الأخضر»، بمشاركة عدد كبير من الشخصيات العالمية والخبراء في مجال البيئة والاقتصاد الأخضر، وخرجت بتوصيات مهمة للمساهمة في مكافحة تغير المناخ، الأمر الذي يعزز مكانة دولة الإمارات الرائدة كونها منصة استراتيجية لدعم التعاون الدولي في مواجهة التحديات العالمية وتعزيز الاستثمارات في الاقتصاد الأخضر، حيث من المتوقع أن يسهم الاقتصاد الأخضر بنحو 12 تريليون دولار بحلول عام 2030.
ستتزامن الدورة المقبلة من القمة العالمية للاقتصاد الأخضر يومي 2 و3 مارس 2022 مع «أسبوع المناخ الإقليمي»، الأول من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال «إكسبو 2020 دبي».
ويرسخ تزامن الدورتين السابعة والثامنة من القمة مع فعاليات «إكسبو 2020 دبي»، الذي يُنَظَم تحت شعار «تَواصُل العقول وصُنع المستقبل»، مكانة دبي ودولة الإمارات كونها مركزاً عالمياً لتسريع وتيرة التنمية المستدامة وتحفيز الاستثمارات النوعية في مجال الاقتصاد الأخضر، وكونها قوة دافعة لتعزيز التعاون الدولي في مواجهة التحديات العالمية.
عملاً برؤية قيادتنا الرشيدة بضرورة تحويل التحديات إلى فرص واعدة، فإننا نتخذ من تحدي المناخ فرصة للاستثمار في محركات نمو جديدة لمواصلة مسيرة التنمية والازدهار، وتحقيق توجيهات قيادتنا الرشيدة بالوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.