احتفل العالم باليوم الدولي الأول للأخوة الإنسانية، الذي وافق أيضاً الذكرى الثالثة لتوقيع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، «وثيقة الأخوة الإنسانية» التاريخية، في أبوظبي عام 2019، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، القائد الملهم الذي أخذ على عاتقه مسؤولية نشر وتعزيز قيم التسامح والأخوة الإنسانية في العالم كله، باعتبارها السبيل لتحقيق السلام والرخاء العالميين والتصدي لنزعات التعصب والكراهية والتطرف التي تغزو العالم وتهدد أمن واستقرار شعوبه ودوله.

لم تقف الجهود الإماراتية عند جمع اثنين من أهم القادة الدينيين في العالم وهما قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف على أرض الإمارات وصياغة وثيقة «الأخوة الإنسانية» التاريخية، التي شكلت إنجازاً حضارياً وإنسانياً غير مسبوق في مجال ترسيخ ثقافة التسامح والحوار بين أنصار الديانات المختلفة، وتجسيداً حقيقياً للحوار والوئام بين الأديان، وأساساً قوياً لترسيخ معاني الأخوة وقبول الآخر بين أتباع الديانات المختلفة، التي تحض جميعها على نشر قيم التسامح والأخوة والمحبة، ونبذ كل صور التطرف والغلو والكراهية، ولاسيما تلك التي يغلفها أصحابها بغلاف ديني مقدس، بل استمرت هذه الجهود وتواصلت من أجل تدويل هذه الوثيقة وتحويل قيمها ومبادئها السامية إلى مشروع إنساني عالمي تستطيع البشرية من خلاله العمل معاً من أجل مواجهة التحديات المشتركة التي تعترض سبيلها وعلى رأسها أعمال العنف والإرهاب النابعة من التعصب والتطرف المتنامي بشتى صوره، وجرائم الكراهية الناجمة عن رفض الآخر المختلف دينياً أو ثقافياً وغياب ثقافة الحوار البناء.. وهي الجهود التي توجت باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع المبادرة التي تقدمت بها الإمارات باعتبار يوم 4 فبراير من كل عام «يوماً دولياً للأخوة الإنسانية».

وما شاهدناه من احتفاء واسع النطاق داخل الإمارات وعبر العالم كله باليوم الدولي الأول للإخوة الإنسانية، وما رافقه من فعاليات وأنشطة للتعريف بأهمية هذه القيمة الإنسانية ومبادئ الوثيقة التاريخية التي تستند إليها، هو بكل تأكيد مقصد الإمارات وهدفها، فالغاية هي أن تعرف كل شعوب الأرض أن في الأخوة الإنسانية وقبول الآخر والحوار والتسامح سبيل نجاتها وتقدمها واستقرارها، وأن المشترك الإنساني والتنوع البشري والثقافي والحضاري هو عنصر ثراء للمجتمع البشري كله، وحائط الصد الأول والأهم لكل جرائم العنف والكراهية والتطرف وعدم الاستقرار الناجمة عن رفض الآخر وعدم القبول بهذا التنوع الإنساني. وهذه هي رسالة التسامح والسلام التي تحملها الدولة وقيادتها الرشيدة للعالم كله وتعمل باستمرار على تحقيقها وتطبيقها على أرض الواقع حتى غدت واحة السلام والتسامح في العالم كله.

إن ما يحتاجه العالم اليوم هو أن تتكاتف الجهود على المستوى الدولي من أجل تعزيز قيمة الأخوة الإنسانية وتحويلها إلى ثقافة مجتمعية تسود العالم كله عبر العديد من المبادرات والتحركات البناءة التي تسهم في تطبيق المبادئ السامية الواردة في وثيقة «الأخوة الإنسانية» التاريخية، ولاسيما في ظل ما يواجهه العالم من تحديات غير مسبوقة. أما الإمارات فستواصل دورها القائد للجهود العالمية في العمل من أجل ترسيخ قيم التعايش والتآخي الإنساني والتآلف بين البشر لأنها تؤمن أن في ذلك خير البشرية كلها.

 

* كاتبة إماراتية