يحاول إيلون ماسك أغنى رجل في العالم الاستحواذ عنوة على شركة تويتر. وفي عالم الأعمال تصبح الشركات المدرجة في أسواق المال عرضة للاستحواذات.

وهناك فارق بين الاندماج merger وبين الاستحواذ acquisition. فالأول قد يحدث بالتراضي بين الطرفين لإنشاء كيان جديد، كما يحاول بيت التمويل الكويتي مع البنك الأهلي المتحد والذي إن حدث سينتج عنه اندماجهما في كيان مصرفي عملاق في المنطقة. أما الاستحواذ فقد يكون بالتدريج عبر «تجميع أسهم من السوق» أي بصورة «ودية». وقد يكون «عدائياً» إن جاز التعبير hostile takeover وذلك عندما يفعل المشتري كل ما في وسعه لأخذ حصة مؤثرة حتى ولو كان المساهمون الحاليون يرفضون ذلك الاستحواذ.

ولهذا حاولت مجالس الإدارات على مدار التاريخ إيجاد وسائل دفاعية وحضارية (بعيداً عن العنف طبعاً). ومن تلك الخيارات، ما فعله أعضاء مجلس إدارة شركة تويتر عندما أطلقوا خطة «الحبة السامة» التي تعد إحدى التدابير الدفاعية لتجنب استحواذ إيلون ماسك على موقع التواصل الشهير مقابل 43 مليار دولار. إذ تحظر الخطة شراء مالك واحد ما يتجاوز نسبة 15 في المائة من أسهم تويتر، في مقابل إمكانية شراء المساهمين الحاليين لأسهم إضافية بسعر مخفض. ويبرر مجلس الإدارة هذه الخطة الدفاعية للجهات الرقابية الأمريكية بأنها محاولة لمواجهة العرض «غير المرغوب فيه وغير الملزم» بالاستحواذ على كيانهم التجاري.

كان التجار في السابق عندما يعرض لهم شخص ما شراء مقاطعتهم أو معاملهم أو مزارعهم الشاسعة فإن لديهم خيار الرفض وإلغاء الصفقة. ربما يلجأ بعض المشترين لطرق ملتوية أو غير أخلاقية، فلم يكن في سالف الأزمان هناك سوق للأسهم. فصاحب الدكاكين مثلا سيبقى مالكاً لها لأن شركته خاصة ومغلقة. ولم تكن آنذاك الممارسات التجارية الدفاعية متقدمة. أما الآن فقد تطورت طرق حماية الشركة، وآلية توسيع قاعدة عملائها عبر خطوات مدروسة، فضلا عن الاكتتابات العامة. وذلك في مسعى للحصول توليفة يراها كبار المساهمين بأنها «جيدة» وتقدم قيمة مضافة.

وربما يفرح البعض عندما يأتي شخص بحجم إيلون ماسك إلى مجلس الإدارة، لكن هذا ملياردير، صاحب الأفكار الجريئة، وشركة تسلا الكهربائية وشركة الفضاء سبيس إكس يُخشى أن يُحدث تغييراً راديكالياً مغايراً لتوجه كبار المساهمين الحاليين في تويتر. وقد ألمح بالفعل إلى ذلك عندما حاول انتقاد بعض الخدمات، بل وأجرى استفتاء عبر تويتر بشأن ما إذا كان الجمهور يفضل خاصية تعديل التغريدات بعد نشرها حتى ولو تم تداولها على نطاق واسع. وقد انتقد بشدة تويتر الذي وصفه بأنه «يحد من حرية التعبير عبر منصاته»، فهو يريد أن يزيد من هامش الحرية، وهو حق دستوري أمريكي على تويتر.

ورغم شراء إيلون ماسك لنحو 9.2 في المئة من شركة تويتر، إلا أن ذلك لم يكن كافياً ليصبح المالك الأكبر في الشركة. ولذلك طالب بالاستحواذ على نصيب الأسد في الشركة. وكما هو معروف فإن هذا الرجل البالغة ثروته 219 مليار دولار قد يقلب موازين أي شركة وهو من أكثر المرشحين للاستحواذات العدائية. ولهذا السبب تكون الإجراءات الرقابية في بعض القطاعات الفنية كالمصارف والتأمين والاتصالات والكهرباء وغيرها عالية جداً لتنظيم آلية الاستحواذات الكبرى لتجنب أن يحتكر البعض مؤسسات كبرى ويحيد بها بعيداً عن رغبة باقي المساهمين.

في عالم اليوم، صار في مقدور من شاء الاستحواذ على شتى أنواع الشركات بطريقة ودية أو عدائية. ولكل نوع تداعياته وفوائده.