لا يزال ملف سد النهضة يشكل أزمة مزمنة، حيث إن جولات المفاوضات لم تتوصل إلى أي حلول تنتهي لاتفاقيات ملزمة تقوم على معادلات كسبية يتمّ بها تنمية شعب إثيوبيا وتحفظ حقوق مصر والسودان. فالمنطق يقول بأن الاتفاق القانوني هو الآلية الصحيحة من أجل الوصول لتسوية عادلة لهذه القضية.
استعصاء هذا الصراع وما قد يجلبه من تداعيات خطيرة محتملة يتطلب تحركاً إيجابياً من مختلف القوى الدولية للضغط نحو حل يضمن مصالح جميع الشعوب مع إمكانية التوصل إلى اتفاق مستدام إذا وجدت الإرادة السياسية والالتزام بالتفاوض بحسن نية لحل المسائل العالقة والامتناع عن الإجراءات التي تضيع حقوق أي طرف، فمن الضروري إيقاف أي محاولات من أي جهة لأن يكون هذا السد مدخلاً لمزيد من الصراعات في القارة، بل مشاركة النهر هو الخيار الوحيد المستدام على المدى الطويل وفرصة لبناء علاقات أفضل ما يساهم في تأسيس إطار مشترك لإدارة موارد المياه بحوض النيل، ففي حين أن المياه المشتركة التي هي محل خلاف، بإمكانها أن تكون أيضاً أساساً للتعاون.
ولا شك أن احتمالات السلام ما زالت ترجح كفتها على احتمالات الصدام في هذا الملف، في ظل إصرار الجميع على تجريب كل الوسائل السلمية والمفاوضات لتحقيق هذا الهدف والتوصل لحل يرضي الجميع، ولاريب أن الاستفادة من مياه النهر حق مشروع للجميع، لكن إذا التزم الكل بالحكمة والصبر والانتصار لصوت العقل في التغلب على الخلافات المتبقية بين الأطراف وأن تكون هناك جدية في التعاطي مع هذا الملف إذ يمكن للإدارة التعاونية على مستوى حوض النيل أن تساعد في تقليل أي عواقب سلبية بما يضمن حقوق جميع الأطراف، دول مصب ودول ممر من خلال تبني استراتيجيات جديدة لأمن المياه ووضع اتفاق قانوني ملزم يأخذ في الاعتبار هيدرولوجية النهر في حالات الجفاف السنوي أو الجفاف الممتد، سعياً وراء التنمية المستدامة للجميع.