من وقت لآخر، تتعاون الدول أو تتعاهد على التعاون، وفق شرائط معينة، مثل هذا التعاون، قد يأخذ أشـكـالاً شـتـى، فـقـد يـتـفـق الأصـدقـاء عـلـى الانـخـراط فـي مـنـظـمـات دولـيـة صـمـمـت لــدعم الاقـتـصـاد والـتـجـارة، أو للمسـاعـدة المتـبـادلــة، مــثــل الجماعة الاقتصادية الأوروبيـة (الـسـوق الأوروبـيـة المشـتـركـة)، أو الجـمـاعـة المـقــابــلــة فــي المعــســكــر الاشـتـراكـي المعـروفــة بــاســم مــجــلــس المــســاعــدة الاقتصادية المتبادلة (كوميكون)، أو منظمات لتدعيم التطور التقني بين الدول، كما هي الحال مع الجماعة الأوروبية للطاقة الذرية.
أما الدول التي تسمي نفسها أخصامـاً، فـإنـهـا توافق أيضاً على التعاون في نشاطات جماعية غير سياسية، كتعاونها مثلاً في إطار المنظمات الدوليـة الوظيفية، مثل منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، أو اتحاد البريد العالمي (UPU)، أو حتى على التعاون في نشاطات الأمم المتحدة السياسـيـة، مـثـل حـفـظ السلام بإشراف مجلس الأمن، أو الجمعية العامة (مثال ذلك قوات حفظ السلام في الشرق الأوسط وقبرص). أكثر من هذا، فقد تتفق الدول الأخصام على أكثر من مجرد التعاون فـي عـلاقـات سـلـمـيـة، حين تشترك في تطبيـق نـظـريـة الأمـن الجـمـاعـي Security Collective، التـي أقيمت الأمم المتحدة على أساسها، فتتحد لهزيمة المعتدي على إحداها أو بعضها.
إن العالم اليوم، هو عالم متغير، وغير مقترن بهيكلية سياسية دولية محددة، وحالة الصراع المستمر التي تعيشها الدول بحثاً عن الهيمنة والقوة، ويمكن القول إنه، ومنذ معاهدة (وستفاليا عام 1648)، وتجربة التاريخ السياسي الدولي، تفيد بأن العالم اقترن بهيكلية سياسية، تأسست إما على قطبية أحادية، أو ثنائية أو متعددة، وإن ذلك لم يكن بمعزل عن نمط لتوزيع القوة كان سائداً آنذاك في العالم، لا سيما بين القوى الأكثر تأثيراً، وتكمن المسببات الدافعة بالعالم إلى تغيير بنيته السياسية في الخصائص التي يتميز بها، وأهمها تعدد وحدات النظام السياسي الدولي، أو المراكز السياسية الدولية المؤثرة في حركة تفاعلاته، فضلاً عن نمو ظاهرة الاعتمادية الدولية، وبعد انتهاء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي السابق، تمركزت القوة في دولة واحدة مؤثرة.
يمثل التحالف اتفاقاً رسمياً بين دولتين أو أكثر، يتعلق عموماً بالتخطيط والاستجابة للتهديدات والالتزام بقوات، أو بعمل عسكري مشترك ضد التهديدات، وغالباً ما تنطوي التحالفات على اتفاقات عسكرية وغير عسكرية، على حد سواء، كانت التحالفات في الماضي تهدف إلى تعزيز المصالح الوطنية لكل طرف، وتنص على الاستجابة المنسقة في حال تعرض إحدى الدول الأعضاء لتهديد، ويكمن الدافع الواضح وراء انخراط الدول في تحالفات عسكرية، في الرغبة في ضمان حماية أفضل لنفسها من التهديدات الصادرة عن لاعبين عالميين أشد قوة منها، لكن الدول كانت أيضاً تقيم تحالفات فقط لتحسين العلاقات مع دولة محددة، لمنع حدوث صراع مع خصم محتمل، وقد احتدم الجدل حول قيمة التحالفات، بما في ذلك تشكيلها وتماسكها، ومن ذلك، كتابان رائدان، يلخصان ذلك الحوار، هما «سياسة الأحلاف» لمؤلفه جلين هـ. سنايدر، و«أصول التحالفات» لمؤلفه ستيفن والت.
وكما عرف العرب الأحلاف قبل الإسلام، مثل حلف الفضول، يمكن القول من جانب آخر، بأن الحلف في القانون الدولي والعلاقات الدولية، هو علاقة بين دولتين أو أكثر، يتعهد بموجبها الفرقاء المعنيون بالمساعدة المتبادلة في حالة وقوع الحرب، سواء كان ذلك من أجل الدفاع، أو من أجل الهجوم، وهو الغالب ما يكون سرياً، وهذا النوع من الأحلاف، يسمى بالحلف العسكري، حيث تنقسم تلك الأحلاف إلى كيانات سياسية تتصارع في ما بينها، ولعل أقدم الأحلاف، ذلك الذي عقد في عام 1394 قبل الميلاد، بين رمسيس الثاني وملك الحيثيين.
والتحالف ضروري لتوازن القوى والتعاون المشترك، ومثال ما نراه في التحالف اليوم، هو التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، الذي يعد سداً حصيناً ضد الأطماع على الدول العربية، والذي انخرطت فيه دولة الإمارات العربية، لموقفها الدائم في تبنّي المواقف العربية الواحدة، التي دعا إليها المغفور له بإذن الله، المؤسس الشيخ زايد بن سلطان – طيب الله ثراه، ورسخها من بعده المغفور له بإذن الله، الشيخ خليفة بن زايد، الذي وقف يداً بيد مع الملكة العربية السعودية في التحالف العربي لمواجهة المتمردين، ويخطو على ذلك النهج اليوم، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي جعل القضايا العربية مبدأً راسخاً في سياسته ومسيرته، التي شهد بها العالم أجمع، وذلك من خلال المشاركة بأي تحالف يعد أساسه حفظاً للسلم والأمن الدوليين، لينعم العالم أجمع بالطمأنينة.