في أحد أيام الشتاء القارس، أثناء دراستي في الولايات المتحدة، ضربت عاصفة ثلجية البلاد، أدت إلى حالة طوارئ، وإغلاق كل شيء تقريباً، عدا أقسام الطوارئ ومراكز الشرطة. كنت قد حجزت تذكرتي مسبقاً لقضاء الإجازة مع الأهل والأصدقاء.

كان ارتفاع الثلج ما يقارب 81 سم، أي أقل بقليل من نصف طولي. استغرقت ساعة ونصف الساعة لإخراج مركبتي من تحت الثلوج، بمعول استلفته من جيراني. توجهت بعدها إلى أحد الأصدقاء، ليقلوني إلى المطار. استغرقت رحلتي من منزلي إلى المطار أكثر من أربع ساعات، بسبب الظروف الجوية السيئة، والتي يجب ألا تتجاوز الساعة في الظروف الاعتيادية.

كانت مهمتي للتوجه إلى المطار، أقرب إلى فيلم المهمة المستحيلة، لولا غياب توم كروز من المشهد. وصلت للمطار، وبدأت إجراءات المغادرة، اعتذرت مني المضيفة بإلغاء رحلتي بسبب حالة الطقس. الخيار الوحيد المتاح، أنه سيتم تحويلي إلى خط جوي آخر، سيقلع بعد ساعة، متمنية لي الحظ السعيد. في الحقيقة، انتقلت بعدها إلى 3 خطوط جوية مختلفة، تم إلغاؤها في اللحظة الأخيرة، بعد اعتذار قادة الطائرات لاستحالة الإقلاع في مثل هذه الظروف. علقت وغيري الكثير من المسافرين، وأصبنا بحالة من الذهول.

أعلن مطار العاصمة واشنطن دي سي رسمياً، عن توقف جميع الرحلات، لا قادمون ولا مغادرون، في مثل هذه الأجواء من الشلل، قد يستمر تعطّل الرحلات من ساعات إلى أيام عدة. في تلك اللحظة تحديداً، لم أكن على ما يرام، ولم يمر علي أسوأ من ذلك اليوم (حينها). رغماً عن ذلك، كنت الأكثر حظاً، لأنني علقت في المطار لمدة 16 ساعة فقط، واستطعت اللحاق بأول طائرة متجهة إلى دبي، واستمر الآخرون في الانتظار أكثر، كلٌ حسب وجهته.

ماذا لو تدربنا لنكون أكثر قوة ومرونة نفسية في مواجهة المجهول؟ ماذا لو أدركنا أن كل شيء سيكون على ما يرام في النهاية، إذا لم يكن كذلك، فهي ليست النهاية؟.