طالب الجيلَ الجديدَ من الشباب المبتدئ في التجارة أن يعملوا بجهد وجد متواصلين، لأن النجاح لا يأتي إلا عبر العمل المتواصل، قائلاً إنه عندما بدأ نشاطه في التجارة من خلال محل له، كان أول محل يفتح بالسوق وآخر محل يغلق أبوابه، لأن النجاح يبدأ صباحاً وينتهي مساءً، ولهذا فهو يحث المواطنين المبتدئين في عالم التجارة، في حال تأسيس أعمالهم، على أن يكونوا هم أول من يفتح أبواب محالهم في الصباح، وآخر من يغادرها في المساء.

كانت هذه واحدة من النصائح التي وجهها رجل الأعمال الإماراتي جمعة الماجد، خلال حلقة نقاشية تشرفت بإدارتها على هامش إطلاق غرفة تجارة وصناعة دبي مبادرة «تجّار دبي» عام 2013. في تلك الحلقة النقاشية، التي حضرها عدد كبير من الشباب، فتيان وفتيات، نقل جمعة الماجد للحضور تجربته الذاتية في مجال التجارة، وتناول الكثير من محطات حياته، ليبعث إلى الجيل الجديد رسائل عن كيفية أن يكون الإنسان رائداً في مجال عمله، أيّاً كان هذا المجال، مشيراً إلى أنه ليس كل الأعمال يتم توارثها من جيل الآباء، وأن هناك أشخاصاً قادرين على صنع مستقبلهم بأنفسهم، مرجعاً تفوقه في عالم التجارة إلى الجد والاجتهاد والمثابرة، مشيراً إلى أن الذين يشتغلون في مجال التجارة يجدون صعوبات كبيرة في بداية حياتهم، فالبدايات دائماً ما تكون صعبة، ولكن عندما تقارنها بالنتائج الطيبة التي يمكن أن يحققها المرء، فإن هذه الصعوبات تتحول إلى ذكريات يتفاخر بها الإنسان، منوهاً إلى أنه بدأ برأسمال 700 روبية، استطاع خلال عام واحد من العمل والمثابرة والجهد أن يحقق منها مكاسب زادت على 2000 روبية.

سألته إذا كان قد تعرض للخسارة خلال رحلة حياته في عالم الأعمال، فقال إن الخسارة ليست نهاية الكون، فالكل يتعرض للخسارة، والتجار الكبار مروا بفترات خسارة، وهو واحد منهم، إذ تعرض للإفلاس مرتين، وعاد ليبدأ من نقطة الصفر، لكنه أكد أن العبرة في أنك لا تستسلم لهذه الخسارة، وتبدأ من جديد ما دمت قد قمت بعملك على أكمل وجه، ولكن قبل البدء من جديد لابد أن تكون قد أدركت عوامل الضعف التي عندك وعالجتها، مضيفاً أن المخاطرة شيء لا يستطيع كل الأفراد القيام به، ولكن من يقوم بذلك هو الإنسان الذي يتميز في المجتمع، فهناك أناس يمشون الحياة خطوة بخطوة، وهذا ليس عيباً، لكن المتميز هو من يجازف ويبتكر ويخاطر، وليس معنى المخاطرة هو الزج بالنفس في التهلكة، ولكن المخاطرة التي نقصدها هي التي تنطلق من دراسة.

تذكرت ما دار في تلك الحلقة النقاشية، التي مضى عليها عشرة أعوام تقريباً، وأنا أقرأ تغريدة سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، عن جمعة الماجد، التي وصفه فيها بأنه «إحدى قصص دبي الملهمة، وجزء من ريادتها ونجاحها، ونموذج لتجّارها الذين ارتبطت إنجازاتهم الاقتصادية بإنجازاتهم الإنسانية في خدمة المجتمع والناس» قائلاً: إنه «كان مدركاً لطموح دبي ورؤية قيادتها، فسخر حياته للبناء والإنجاز، وآمن ببركة العطاء فتضاعفت نجاحاته»، مختتماً أنه «بجمعة الماجد وأمثاله نحتفي ونفخر».

هذه الشهادة، التي أرفقها سموه بمقطع فيديو عن جمعة الماجد، تؤكد أن قيادة دبي تقدّر الرجال وأعمالهم العظيمة في خدمة وطنهم ومجتمعهم، كما تعكس رؤية رجال الأعمال لقيادتهم، التي تحدث عنها جمعة الماجد في تلك الحلقة النقاشية قائلاً: إن الأيادي البيضاء للقيادة الرشيدة وحكام الإمارات، الذين يعملون من أجل إسعاد أبناء وطنهم، تستلزم أن نسهم معهم في بناء هذا الوطن، وأن يصبح كل مواطن مساهماً في بنائه على قدر ما يملك من إمكانات في كافة القطاعات.

هذه المساهمة في خدمة المجتمع والناس، التي تحدث عنها جمعة الماجد في تلك الحلقة النقاشية، وأشار إليها سمو الشيخ مكتوم بن محمد في معرض إشادته بهذه القامة الإماراتية الكبيرة، تجسدت في مجموعة من المشاريع التي قدمها جمعة الماجد لخدمة المجتمع بقطاعاته المختلفة، وهي مشاريع جمعت بين قطاع التعليم، من خلال إنشائه للمدارس الأهلية الخيرية وكلية الدراسات الإسلامية والعربية، وقطاع الثقافة، من خلال إنشائه لمركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، وقطاع العمل الخيري، من خلال إنشائه لجمعية بيت الخير، وهي أعمال تصب في خانة استحقاق هذا الرجل لشهادة سمو الشيخ مكتوم بن محمد، وهي شهادة تذهب إلى رجل يستحق التقدير، نظير ما قدمه لوطنه ومجتمعه من خدمات، جعلت منه قدوة لجميع فئات المجتمع، فالملهمون يستحقون التقدير، وقادة الإمارات خير من يعرف للرجال قدرهم.

 

* كاتب وإعلامي إماراتي