تسعى الدولة الوطنية المتميزة إلى تحقيق التنمية والازدهار وإسعاد مواطنيها، والارتقاء المستمر بمختلف القطاعات والخدمات التي تقدمها للناس، والقيام بمسؤولياتها المحلية والعالمية.
ولذلك فهي تسعى جاهدة لوضع تصورات شاملة للآفاق المستقبلية، ووضع الرؤى والاستراتيجيات الوطنية لمواجهة التحديات التي قد تعترض الطريق.
ولا شك بأن نجاح هذه الرؤى والمبادرات الوطنية لا يتم إلا عبر مواكبة كل فرد من أفراد الوطن لرؤية قيادته الحكيمة، ليتم بذلك تحقيق التكاتف الوطني والتعاون المشترك على كافة الصعد والمستويات، أفراداً ومؤسسات.
إن مواكبة المواطن لرؤية قيادته تنبع من قيم شعورية راسخة في وجدانه، تعكس ثقته بقيادته، وإيمانه بقدرتها على تحقيق ما فيه خير الوطن وازدهاره، وعمق انتمائه وولائه لوطنه وقيادته، وإحساسه العميم بمسؤولياته تجاه وطنه، وإدراكه بأن الارتقاء بالوطن نهج مستدام، لا يتوقف في لحظة أو في مرحلة، وخاصة إذا كان يتمتع بقيادة رشيدة تستشرف المستقبل، وتسابق الزمن لتحقيق أفضل المنجزات، وبلوغ المراكز الأولى في مختلف المجالات، فيحتاج المواطن إلى مواكبة هذه الرؤية باستمرار، ليساهم فيها قدر ما يستطيع.
ولا شك بأن نجاح الدول لا يتم إلا بتأصيل هذه القيمة في نفوس أبنائها، سواء ما يتعلق من ذلك بالواقع المعيش أو بالمستقبل المنشود، وخاصة في أوقات التحديات والأزمات.
وقد كانت جائحة كورونا مثالاً على ذلك، فقد استطعنا في دولة الإمارات بعد فضل الله تعالى تجاوز هذا الوباء بسبب مواكبة الأفراد والمؤسسات لرؤية القيادة الحكيمة في التعامل الأمثل معه، والثقة بإدارة القيادة الحكيمة لهذه الأزمة بكفاءة واقتدار، حتى وضعنا أقدامنا بفضل الله تعالى على طريق التعافي، بل وحققنا خلال هذه الأزمة إنجازات نوعية في مجال الطاقة النظيفة وعلوم الفضاء وغيرها، مما يؤكد أهمية وثمرات مواكبة المواطن لرؤية قيادته في مختلف الأوقات والظروف.
ومن أهم الفئات التي ينبغي أن تحرص على هذه القيمة الوطنية فئة الشباب، باعتبارهم عمود الوطن وأساسه، بأن يحرصوا دائماً على مواكبة رؤية قيادتهم الحكيمة، واستثمار طاقاتهم ومواهبهم في سبيل ذلك، واغتنام هذه المرحلة العمرية الخصبة، سواء كانوا جامعيين أو متخرجين أو موظفين أو رواد أعمال أو غيرهم.
كما يأتي هنا دور الأسرة باعتبارها نواة المجتمع، بأن تغرس هذه القيمة الوطنية في نفوس أبنائها وبناتها، وتشجعهم على مواكبة رؤية قيادتهم، سواء بالتميز في تعليمهم الدراسي أو باكتساب المهارات المتنوعة أو بتحليهم بأجمل الخصال والقيم، التي تجعل منهم جيلاً قادراً على تلبية تطلعات الوطن في غدهم الواعد.
ومن متطلبات مواكبة المواطن لرؤية قيادته أن يجتهد على نفسه، ويعمل على تطويرها بشكل مستمر، حتى يستطيع أن يحقق رؤية قيادته من موقعه الذي هو فيه، وبالأخص من موقعه الوظيفي، فينمِّي مهاراته الوظيفية، ويعمل مع رؤسائه ومرؤوسيه لتحقيق رؤية القيادة الاستشرافية الطموحة بكل كفاءة وتميز، ووضع بصمات إيجابية له في مسيرة الوطن.
ومن المبادرات الوطنية التي ينبغي مواكبتها من قبل الأفراد والمؤسسات رؤية الاستدامة، التي أعلن عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تحت شعار «اليوم للغد»، وذلك لمواكبة استضافة دولة الإمارات لأكبر حدث دولي في مجال العمل المناخي وهو مؤتمر كوب 28.
وتعكس هذه المبادرة الوطنية النهج المتميز الذي تسير عليه القيادة الحكيمة في دولة الإمارات، منذ تأسيسها على يد القائد الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي اعتنى بالبيئة عناية كبيرة، وواجه التحديات بكل اقتدار، إيماناً بأن هذه البيئة هبة من الله تعالى.
وأن الاهتمام بها وتنميتها وتعزيز استدامتها مطلب أساس، واعتنت دولة الإمارات بالمبادرات والاتفاقيات التي اهتمت بالبيئة والمناخ، وفي هذا الصدد قال صاحب السمو رئيس الدولة: «تاريخنا ومنهجنا في الحفاظ على البيئة واستدامة مواردها ثابت»، ودعا صاحب السمو رئيس الدولة الأفراد والمؤسسات إلى تبني الأفكار الجديدة والمبادرات النوعية التي تجسد الوجه الحضاري لبلادنا.
إن مواكبة المواطن لرؤية قيادته في هذه المبادرة الوطنية وسائر المبادرات مطلب أساس لنهضة الوطن، حتى تتحول الطموحات المنشودة إلى إنجازات مضيئة، وتمضي سفينة الوطن لتحقيق التطلعات في بناء مستقبل مشرق ومزدهر.
* كاتب إماراتي
اقرأ أيضاً: