رغم إحساسي أنني كنت دخيلاً على الموضوع، إلا أنني استمتعت جداً بالأمسية الرمضانية العلمية التي نظمها نادي الإمارات العلمي في ندوة الثقافة والعلوم بمقر الندوة، في إطار المجلس الرمضاني العلمي الذي ينظمه النادي سنوياً في شهر رمضان المبارك، والتي كان عنوانها هذا العام «الطريق إلى COP28». شارك في الجلسة مجموعة من المتحدثين من أصحاب الاختصاص، الذين أضفوا على الموضوع بعداً علمياً أكاديمياً، إضافة إلى البعد الوطني، كون دولة الإمارات العربية المتحدة هي المنظمة للمؤتمر الذي ينتظره الجميع، بوصفه أهم حدث تنظمه الدولة هذا العام، بعد أن انتهت العامين الماضيين من تنظيم معرض «إكسبو 2020» بنجاح منقطع النظير، رغم الظروف العالمية الصحية التي صاحبت تنظيمه.
لا أريد أن أقول إنني كنت مثل «الأطرش في الزفة» خلال الجلسة، كما يقول المثل المصري الشهير، خاصة وأنا أستمع إلى حديث الأساتذة الأكاديميين المتخصصين في مجال العلوم والبيئة، ولكنني كنت مشدوداً إلى الحوار الذي دار في الجلسة كي أفهم، أنا غير المتخصص، ما يقوله هؤلاء المتخصصون في هذا المجال، وهو حديث مهم يجب أن يستمع إليه الجميع، لأنه يتعلق بحياتنا على كوكب الأرض، هذه الحياة المهددة من قبل عوامل كثيرة، على رأسها انبعاثات الكربون، كي نكون جاهزين لفهم ما يدور عندما ينعقد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28) في مدينة إكسبو دبي في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من هذا العام، لتوحيد الجهود العالمية في مجال العمل المناخي، وتحديد فرص التعاون المتاحة لإيجاد الحلول للتحديات المناخية، حيث سيشهد المؤتمر إجراء أول تقييم عالمي للجهود المستمرة على مدار عامين لتحديد مدى التقدم الذي أحرزته الحكومات المعنية في تنفيذ خطط العمل المناخي لمواجهة الاحتباس الحراري والقضايا البيئية الأخرى ذات الأولوية القصوى.
قبل أن تبدأ الجلسة دار بيني وبين معالي الدكتور عبدالله بالحيف النعيمي، وزير التغير المناخي والبيئة السابق، حوار حول مدى وعي أفراد المجتمع العاديين، من غير المتخصصين في هذا المجال، بأهمية هذا المؤتمر والموضوعات التي تتم مناقشتها فيه، واتفقنا على أن هذا الوعي ما زال غير مكتمل، وأننا بحاجة إلى تكثيف الحملات لتهيئة الجمهور للتفاعل مع هذا المؤتمر المهم، الذي تتسابق الدول إلى استضافته، خاصة وأن القمة المقبلة التي ستستضيفها دولة الإمارات العربية المتحدة، تأتي في ظرف دولي بالغ التعقيد، في ظل تراجع كثير من الدول عن تعهداتها المناخية من أجل تحقيق أمن الطاقة لمواطنيها مع استمرار الحرب في أوكرانيا، التي دفعت الدول الكبرى إلى محاصرة روسيا، ما أسفر عن أزمة طاقة، عانت وما زالت تعاني منها كثير من دول العالم.
خلال متابعتي للحوار والطرح الذي جرى خلال الجلسة أدركت أن الموضوع ممتع، وليس مهماً فقط، وأنه ليس حكراً على المتخصصين في هذا المجال وحدهم، وأن على جميع فئات المجتمع أن تحاول فهم ما يدور من حوار بين دول العالم للحفاظ على نظافة الكون وحماية بيئته، لا سيما مع إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة، ذات الاقتصاد القوي، تبنّيها دوراً مهماً في مجال العمل المناخي والالتزام بالاستدامة، ودعم قضايا الطاقة العالمية، رغم أنها دولة منتجة للطاقة الأحفورية، حيث يمثل النفط مصدراً مهماً من مصادر دخلها، ومع هذا فهي تسعى إلى المحافظة على البيئة، من خلال تنمية مشروعات الطاقة المتجددة والنظيفة، بالإضافة إلى مشروعات الهيدروجين الأخضر داخلياً، إذ تمتلك الآن ثلاثة من أكبر مشروعات الطاقة الشمسية عالمياً، بجانب انتهائها من خريطة طريقة الهيدروجين.
لهذا ركز المتحدثون على استراتيجية دولة الإمارات لتعزيز المساهمات المحددة وطنياً في تقليل الانبعاثات ودعم إجراءات التكيف، ومواجهة التحدي المزدوج المتمثل في تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية والمسؤولية البيئية، وتعزيز التعاون الدولي بشأن تغير المناخ، ودعم تطوير التقنيات المبتكرة، ودعم البحث العلمي لتطوير تقنيات منخفضة الكربون، وتشجيع الاستثمارات العامة والخاصة في مجال الطاقة المتجددة، والدور الشبابي المحوري في منظومة العمل المناخي العالمي. وهي محاور مهمة عمل المشاركون في الجلسة على تبسيطها لتقريب الصورة للحضور، وهو ما أعتقد أن الجميع خرجوا به من الجلسة، وكان دافعاً لهم للبحث والاستزادة.
لهذا علينا جميعاً ألا ننتظر وصول «CAP28» إلينا قبل نهاية هذا العام، بل أن نذهب نحن إليه منذ الآن، لأنه حدث كبير، لا يقل أهمية عن الأحداث والمؤتمرات والمعارض التي استضافتها دولة الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الأخيرة، مقدمةً الدليل على أنها تملك توفير كل مقومات النجاح لمثل هذه الأحداث الكبرى، وأنها بيئة جاذبة للجميع.