تُعرّف الوثيقة لغوياً بأنها ما يُحكَم به الأَمرُ فيصبح وثيقاً، كما تعني الصَّكّ بالدَّين أو البراءة منه، أو المستند وما جرى مجراه.
وأما معناها الاصطلاحي فهو: المادة التي تتضمن معلومات متنوعة وحججاً وبراهين، ويمكن استخدامها كسجل للأحداث والتي تقرر حفظها لأهميتها السياسية، أو القانونية، أو الشرعية سواء بالنسبة للمؤسسات أو الأفراد. ولها تعاريف أخرى لا محل لسردها هنا. وقد أدرك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بثاقب نظره أهمية إنشاء مركز للوثائق، وهو السلف للأرشيف الوطني الحالي، فتأسس (الأرشيف والمكتبة الوطنية) في مبنى قصر الحصن عام 1968 ليُعنى بجمع الوثائق والمعلومات المتعلّقة بتاريخ شبه الجزيرة العربية وثقافتها عامة ودولة الإمارات العربية المتحدة خاصة من مصادرها الأصلية في البلاد العربية والأجنبية، وتوثيقها وترجمتها.
والحقيقة أن هناك ثروة كبيرة من الوثائق الشخصية التي تعود إلى ما قبل قيام دولة الاتحاد المباركة لا تزال في حوزة الأفراد بحكم خصوصيتها، وهي تتنوع ما بين ملكيات الأراضي والوثائق الثبوتية والصكوك الشرعية والرسائل والمبايعات.. إلخ، وتُمثل في مجموعها مادةً خام غنيةً ومصادر في غاية الأهمية لدارسة التاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي لمجتمع الإمارات خلال حقبة ما قبل الاتحاد، ويصعب على الباحثين في أغلب الأحيان الاطلاع عليها لأسباب متنوعة، ولا شك أن قسماً كبيراً من الوثائق قد تلف بمرور السنين، إما عمداً أو بسبب الإهمال وسوء التخزين. فقديماً كانت الأوراق الهامة تودع داخل غلاف طلع النخيل الذي يتميز بأنه أملس ويتم ربطه بخيط ليضم في جوفه أوراق الملكيات، وبعضهم يكتفي بلف الأوراق في قطعة قماش أو علبة معدنية (قوطي) قبل ظهور الأضابير والتخزين الإلكتروني.
وهناك حاجة ماسة لنشر الوعي الوثائقي في أوساط الجمهور بأهمية المحافظة على وثائقهم ونَسخها وإتاحتها للباحثين، وعدم التردد في تزويد مراكز الوثائق بنُسخ منها خدمة للبحث في تاريخ دولة الإمارات الحبيبة، وهو عمل ينم عن حس وطني ورُقيّ في الوعي والإدراك.