لا توجد وصفة خيالية في ممارسات الشيخ زايد لتحقيق أهداف الاتحاد، إنما التسلح بقدرة عالية في اتخاذ القرار ومنهجية واضحة تتمثل في نقاط محددة، نستنتجها من ممارساته طوال فترة تأسيس الدولة.

أولها أنه يحدد وجهته، بعد أن يدرس شخصياً الإمكانات والمؤثرات، ويقوم بمقارنات معيارية لما يصبو إليه، ويقتبس المناسب منها، إذ قال الشيخ زايد: «لقد قمت شخصياً بدراسة وبحث كل الوسائل والطرق لأجل بناء وتقدم الوطن، اخترت السبل المناسبة من تجارب الدول الشقيقة والصديقة للتنمية، والارتقاء بالوطن وأبنائه، وهذا هو هدفي واتجاهي لبناء الوطن وبناء الإنسان». 

وبعد ذلك يختار طريقه: «ومهمتنا الآن تبدأ في ترسيخ دعائم الدولة الحديثة، والاستفادة من تجاربنا السابقة، ولا نتأخر طويلاً في معالجة الأخطاء وسد الثغرات». يقوم بتحديد الفجوة بين ما هو مرغوب والواقع الفعلي، ويختار المبادرات المناسبة لسد هذه الفجوة، ثم يشرح لنا «كنا كمن يصعد الجبل حتى يصل إلى أعلى القمة، وعندما نشرف من فوق القمة كنا نتطلع منها إلى الوادي، ونطمح في المزيد من الرقي والصعود إلى قمم أخرى لتحقيق كل طموحاتنا»، ونستنتج وجوب تقسيم الأهداف الكبرى إلى فرعية، وإنجازها عبر مراحل، مع وقفة تحليل وتقييم عند انتهاء كل مرحلة.

وبالنسبة للطاقة الإنتاجية قال الشيخ زايد: «الجمل إذا سار مسافة عشر ساعات بحمل معين أمكنه الوصول إلى طريقه المنشود، أما إذا زاد الحمل عن قدرته تعثر في الطريق»، فهو يعلمنا ضرورة تحديد الأولوية بين الأهداف حسب الأهم منها والعاجل، فلا طاقة لأحد أن يتعامل مع جميع أهدافه جُملة واحدة،

وسلاح زايد للتميز يتمثل في «إن الوصول إلى المجد يحتاج إلى ركوب الصعوبات والمخاطر وبذل الجهد المطلوب، كما يحتاج إلى التضحيات الكبرى ومجاهدة النفس على هواها»، ثم في «إن العمل لا يستوي مع المتقاعس أو الكسول، والإنسان الذي لم يوفق فإن فشله يرجع إليه، والذي أسعد نفسه بعمله ونشاطه لا بد أن يكون قدوة للكسول لكي يسعى للحاق به»، وهنا نستخلص مبدأ عميقاً جداً، ينص على أن كل ما لدى الإنسان ووصل إليه، هو من جلبه لنفسه بالشخصية، التي أصبح عليها.

ويدعونا الشيخ زايد للاستغلال الأمثل للموارد، فكلما كان توظيفها بشكل مشترك للأهداف تم الترشيد في الوقت والجهد والمال، وتحقيق المبتغى بأقل كلفة تشغيلية، قال الشيخ زايد: «إن ما يتم إنفاقه على العرس الجماعي قد ينفق على عرس لشخص واحد، وأحث أبنائي المواطنين على الاقتصاد في نفقات الأعراس وادخار هذه النفقات لحياتهم الزوجية» 

وأما عن الإطار الزمني للأهداف فقال: «إن حياة الدول لا تقاس بالأعوام والسنين، وإنما بحجم عطائها وقدرتها على أن توفر حياة مطمئنة آمنة»، فهو ينادي بالمسرعات الاستراتيجية، فالأهداف يمكن تسريع تحقيقها بتسخير الإبداع والعمل الجاد، والبرهان ما حققته الإمارات في فترة وجيزة لم تحققه دول أخرى خلال عمرها كله وما زالت.

وينبه الشيخ زايد: «إننا رغم كل هذه الإنجازات ما زال لدينا طموح للعمل والرقي أكثر والصعود إلى أعلى وما زالت لدي الرغبة لأحقق الكثير وأحرز الكثير، وهذا طريقي وأطلب من الله التوفيق»، فدورة حياة المنتج والمؤسسة تنتهي بفترة انحدار، وعلى هذا الأساس يجب دائماً التطلع للأفكار الإبداعية لضمان استدامة التميز.

ويدعونا إلى التقييم الذاتي قبل التقييم المؤسسي قال الشيخ زايد: «علينا كذلك أن نحاسب أنفسنا على كل صغيرة وكبيرة، لأن الأجيال القادمة ستحاسبنا والتاريخ سيحاسبنا»، فمتى وصل الفرد إلى هذا النضج فلن ننتظر منه إلا استمرارية السير على طريق الصواب.

ومع نهاية أي عمل يحرص زايد على التوثيق واستخلاص الدروس المستفادة، ليتم استغلال إيجابياتها وتجنب سلبياتها في الأعمال اللاحقة: «نحرص على دعم نشاط جمعية المؤرخين والتعاون المشترك بين الإمارات والمغرب لإحياء تاريخ ومجد العرب وتوثيقه وإبرازه لشباب الجامعات، لكي يعلموا هم والأجيال القادمة كيف حافظ الأسلاف على وطنهم وعزتهم».