تخيل معي أنك تجلس في مسرح كلاسيكي ذي كراس وستائر حمراء وتستمع إلى موسيقى الجاز المفعمة بالحياة والتي يقوم بعزفها موسيقيون مدربون في عمل جماعي، ماذا ستلاحظ يا ترى؟
في موسيقى الجاز يحترف الفريق الموسيقي العزف في عمل جماعي بدون وجود قائد. يعتمد الفريق على الانسجام، والانغماس في اللحظة، والشعور، والأذن الموسيقية والإلهام. ما يميز فريق الجاز الموسيقي عن غيره من الفرق الموسيقية الأخرى، إن عازفي الجاز يُلهبون بعضهم البعض ويتواصلون فيما بينهم بسرعة وببراعة ورشاقة لتشكيل لحن جميل تطرب له الآذان، فقط عن طريق الانتباه لبعضهم البعض.
بغض النظر عمن يمتلك أية أداة في الفريق، وبغض النظر عمن يبدأ ومن يتأخر في العزف، فالفرقة لديها هدف واضح ومشترك وهو صناعة موسيقى جاز رائعة تُلهم الحاضرين.
يمكننا عكس هذا المثال على أي فريق يعمل في أي مؤسسة أو في أي مجتمع وظيفي. فعندما يعمل الأفراد بروح الفريق بدلاً من العمل الفردي وفي وجود هدف ومهام واضحة، مسؤوليات محددة، وأدوار موزعة بشكل منطقي وعادل لن يزيد جميع ما سبق من إنتاجية فريق العمل فقط، بل سيحافظ على الصحة النفسية والجسدية لجميع العاملين، بسبب التوازن والترابط والتنسيق بين الفريق.
التركيز على التكاملية بدلاً من التنافسية بين الأفراد مهم، والعمل بروح الفريق الواحد تعتبر بعضاً من الأسباب التي تساعد في خلق بيئة صحية تجمع الفريق تحت راية واحدة. جودة العمل والمنتج تعتمد بشكل أساسي على فريق متنوع ومتكامل أكثر من حجم الفريق وعدد أفراده. الفريق الناجح يستمر بالعمل بجودة وكفاءة عالية في ظل وجود قائد أو غيابه.
ماذا لو قمنا بإخضاع المصالح الفردية من أجل تحقيق المصلحة العامة عند العمل في فرق جماعية؟ ماذا لو قمنا بإنشاء فرق عمل قائدة ذات كفاءة وقدرة على إدارة نفسها ذاتياً بوجود أو عدم وجود قائد كما تفعل فرقة الجاز لاستمرارية واستدامة الإبداع؟