عرف المتخصصون علم التوجيه بأنه مجموع من الخدمات التربوية والنفسية والاجتماعية والمهنية، التي تهدف إلى مساعدة الفرد على فهم ذاته ومشكلاته وبيئته بشكل أفضل، مما يساعده على التخطيط لمستقبل حياته، وفقاً لإمكاناته واستعداداته وقدراته ولميوله بأسلوب يشبع حاجاته، ويحقق تصوره لذاته، كما يهدف إلى مساعدة الفرد على تحديد أهدافه بما يتفق مع إمكاناته وإمكانات بيئته باختيار الحلول والطرق، التي تناسبه لتحقيق هذه الأهداف، الأمر الذي يؤدي إلى تكيفه مع ذاته، ومع مجتمعه بشكل أفضل، مما يساعده على بلوغ أقصى ما يمكن أن يبلغه من النمو المتكامل في الشخصية، وبهذا المعنى يتضمن التوجيه ميادين متعددة كالتعليم أو الحياة الأسرية، أو الشخصية أو المهنية، كما يشتمل أيضاً على خدمات متعددة كتقديم المعلومات أو الخدمات الإرشادية والتوافق المهني.
إن العملية التوجيهية بما فيها الإرشاد هي عملية مستدامة لا تقتصر على وقت دون الآخر، ولا تتناول مرحلة دون الأخرى، فهي مستدامة مدى الحياة، وخصوصاً في ظل التغييرات، التي طرأت في وقتنا الحاضر، ولهذا ظهرت الحاجة إلى التوجيه والإرشاد نتيجة للتغيرات والتطورات، التي حصلت في المجتمع على الصعيد التعليمي، والاقتصادي، والاجتماعي، والأسري، إلى جانب التطور، الذي طرأ في منظومة التعليم، واقتضت الحاجة إلى الاهتمام بمحور العملية التعليمية، وهو تطوير الطالب ودعمه وتزويده بخدمات التوجيه والإرشاد بشكل متخصص في المرحلة التعليمية حتى يتمكن من فهم وقياس قدراته والبيئة المحيطة فيه، والتأقلم والتطوير المستمر لواقع حياته حتى يحقق الهدف المرجو، وهو تحقيق ذاته، والتغلب على كل التحديات.
ومن واقع تجربة وخبرة أرى أهمية تفعيل دور المرشد والموجه في قطاع التعليم بشكل وقائي وتنموي مستدام، بهدف تزويد الطلبة بخريطة طريق منهجية في التخطيط واستشراف المستقبل، والقدرة على اتخاذ القرار، ومواجهة كل التحديات المستقبلية وتذليل الصعوبات، ومواكبة التطورات التقنية الحديثة، وتعزيز السلوكيات الإيجابية، والقيم الإنسانية، واللياقة النفسية، والاهتمام بتوثيق قصص النجاح، ونشر المعرفة.