«ليس أمام الأمة العربية إلا طريق واحد إلى المجد، وهو طريق نبذ الفرقة، وبناء العلاقات العربية على أسس سليمة، في إطار ميثاق جامعة الدول العربية»، هكذا كان للوالد المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، قدرات استثنائية وحكمة واضحة، استطاع من خلالها أن يكسب ثقة الزعماء العرب والأجانب، ثقة عالية دفعتهم للاستعانة به في توسيط العديد من النزاعات المعقدة بين الدول، ما جعله يحظى بتقدير واحترام جميع الشعوب والثقافات، فرؤيته الفريدة في التعاطي مع الشركاء الخارجيين، وإقامة علاقات مستدامة ومجدية للبلاد، تجلت في فلسفته الخاصة وشجاعته الاستثنائية في التماس الحق مهما كانت التحديات، التي تواجهه، وبسبب هذا النهج الملهم، الذي يتطلب القدرة على فهم ومعالجة القضايا العالمية بعقلانية وحكمة، يوجد إجماع تام بأن منهجيته في بناء العلاقات الخارجية مع الشركاء تعد مرجعاً أساسياً للدول والمؤسسات، بغض النظر عن نوعها ومجال عملها، ما يستدعي من كل باحث ومفكر أن يتفحصها، ويستنبط منها ممارسات متميزة، يمكن إسقاطها، وتعزيز علم الفكر الاستراتيجي بها،
فقد أولى اهتماماً كبيراً لإقامة شراكات استراتيجية مع الشركاء الخارجيين، وحدد شروط الالتزام بالمصالح المشتركة والتعاون المستدام، لتحقيق التقدم والتنمية المشتركة، حيث قال: «إن السياسة الخارجية لدولة الإمارات تستهدف نصرة القضايا والمصالح العربية والإسلامية، وتوثيق أواصر الصداقة والتعاون مع جميع الدول والشعوب، على أساس ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية، وإن دولتنا الفتية حققت على الصعيد الخارجي نجاحاً كبيراً، حتى أصبحت تتمتع الآن بمكانة مرموقة عربياً ودولياً،بفضل سياستها المعتدلة والمتوازنة، ولقد ارتكزت سياستنا ومواقفنا على مبادئ الحق والعدل والسلام، منطلقين من إيماننا بأن السلام حاجة ملحة للبشرية جمعاء».
وكان، طيب الله ثراه، يؤمن بأهمية بناء الثقة والموثوقية في علاقات الشراكة، فجعل الثقة أساساً للتعاون والتفاهم المتبادل، وكان يعتبر الشركاء الخارجيين جزءاً لا يتجزأ من رؤية وتطلعات الإمارات، كما كان موقفه مع الكويت: «إذا وقعت أي واقعة على الكويت فإننا لا نجد من الوقوف معها بداً مهما حدث، فهذا شيء نعتبره فرضاً علينا، يمليه واقعنا وتقاربنا وأخوتنا».
شراكات
وكان يركز على تحقيق التنمية المستدامة، من خلال الشراكات الخارجية، ويهدف إلى تطوير البنية التحتية، وتنمية المهارات البشرية، وتبادل المعرفة والتكنولوجيا، وتعزيز الاستدامة البيئية.
وعمل على تعزيز المساواة والاحترام المتبادل في العلاقات مع الشركاء الخارجيين، وشجع على بناء علاقات متوازنة ومتبادلة الفائدة تعتمد على التعاون العادل، حيث قال: «مفهومنا لأمن الخليج هو أن نترك دول الخليج تعيش بأمن واستقرار دون الاستعانة بقوى خارجية، ودون تدخل الدول الكبرى أو غيرها بتحديد مصير هذه المنطقة، ودون أن ينظر إلى المنطقة وشعوبها على أنها منطقة نفوذ أي كان».
كان مسعاه دعم وتمكين الشركاء الخارجيين، من خلال توفير الإمكانات والموارد الضرورية، لتحقيق الأهداف المشتركة، يقدم الدعم المالي والتقني والقدرات الإدارية للمشاريع المشتركة، ويسهم في نجاحها، حيث قال: «إن واجبنا أن نساعد الأشقاء والأصدقاء؛ فإن الثروة لا قيمة لها إذا لم تقدم مساعدات للدول الشقيقة. في الحياة هناك من ينشد مصلحته فقط، وهناك من ينشد مصلحته، ويعززها بالشهامة، وأنا أفضل الفريق الثاني»،
فقد آمن الشيخ زايد: «إن التعاون بين البشر على الرغم من اختلاف الأديان والعقائد هو أساس السعادة والتعاون يجمع بين القريب والبعيد»، واعتبر التعاون والتبادل الثقافي مع الشركاء الخارجيين أمراً محتوماً، وكان يروج لتبادل الخبرات والتعلم المتبادل، وتعزيز التفاهم والاحترام بين الثقافات والأعراق المختلفة، فالنسبة له: «إن التعاون بين البشر يؤدي إلى التراحم، الذي حث عليه الخالق سبحانه تعالى، فالإنسان يجب أن يكون رحيماً على أخيه الإنسان، وعلى الحيوان، وعلى النبات، فالله- عز وجل- يرحم من يرحم».