إن تفاني الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في خدمة شعبه ومساهمته في ترسيخ أسس التقدم بالدولة ما زالا محل انبهار واحترام عالمي، وسيظلان كذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ويعد الشيخ زايد رمزاً عالمياً للقيادة والزعامة، إذ إنه قام بوضع العديد من القيم المؤسسية الراسخة، التي لا تزال تشكل أساساً للمجتمع ولنظام الحكم في البلاد، وهذه القيم مثال يحتذى به لأي دولة أو مؤسسة تسعى لتحقيق التقدم والتطور، باعتبارها تجسيداً فعلياً للممارسات المتميزة الملموسة، التي تؤتي ثمارها على أرض الواقع.
ومن قيم القائد المؤسس إيمانه القوي بأهمية التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين جميع الثقافات والأديان والأعراق.
حيث كان، طيب الله ثراه، يعتبر التسامح أساساً للتقدم والازدهار، والوحدة بين أفراد المجتمع، والحفاظ على استقرار الدولة، ونلتمس ذلك من قوله: «نحن مسلمون ويجب أن نتسامح بعضنا مع بعض، وأن يتغاضى الأخ عن خطأ أخيه، ونعطيه الفرصة للتسامح والغفران. إن التسامح والتراحم أمر واجب من أجل الموقف الواحد، لأن المصير واحد».
قيم
كان الشيخ زايد رؤوفاً سخياً، معروفاً بقيمة الرحمة والعطاء، يرعى المحتاجين والمجتمعات الضعيفة، وقد أسس العديد من المؤسسات الخيرية والإنسانية، لتقديم المساعدة والدعم للفقراء والمحتاجين في الداخل والخارج، وقد كان دائماً يردد: «الدولة عندما تتوفر لها الموارد يجب أن توزع الخيرات على المواطنين، وأن تساعد كل محتاج، هذه من حقوق الله على عباده، وهذه هي تعاليم ديننا الحنيف».
سعى الشيخ زايد جاهداً لضمان حقوق جميع المواطنين دون تمييز، لتشبعه بقيمة العدل والمساواة في المجتمع، وحرص على توفير فرص متساوية لجميع المواطنين في الحصول على التعليم والعمل والرعاية الصحية، وقد أسهم هذا التوجه في تحقيق مستوى عالٍ من المساواة والعدالة الاجتماعية في الإمارات، فقد كان يرفع راية قيمتي العدل والمساواة في جميع المحافل وفي أي ظروف، كما نجد في موقفه: «إن الدول المنتجة للبترول على استعداد لأن تنظر في موضوع أسعار البترول بشرط أن تجلس معها الدول، التي تنتج باقي المواد والمنتجات الأخرى الغذائية والاستهلاكية والسلع الاستثمارية، إذ ليس من العدل أن يطلب تخفيض أسعار مادة واحدة دون أن يطلب ذلك أيضاً ممن ينتجون فئات من المواد والسلع الضرورية الأخرى».
العمل الجماعي
ركز الشيخ زايد على تفعيل قيمة العمل الجماعي والتعاون بين الأفراد والمؤسسات والدول، باعتبارهما السبيل المؤدي إلى تحقيق التقدم والازدهار والرفاهية في جميع المجالات، فيؤكد: «إن التعاون بين البشر- رغم اختلاف الأديان والعقائد- هو أساس السعادة، ويجمع بين القريب والبعيد، فلا يمكن للإنسان مهما كان أن يعتمد على نفسه فقط، فلا بد أن يتبادل البشر النعمة، التي وهبهم الله إياها، ومن واجب الإنسان أن يؤمن بهذا المبدأ، وعلى البشر أن ينتفعوا بما وهبهم الله من علم ومعرفة».
لم يكن الشيخ زايد يتساهل في قيمة المسؤولية الاجتماعية، بل يحث الأفراد والمؤسسات على تحمل مسؤولية خدمة المجتمع وتحسين حياة الناس، كما نجد في أوامره للمجلس الوطني : «إنني أطالبكم بتحمل المسؤولية كل المسؤولية، وأنتم، والحمد لله، أهل لها، وخير من يقدر المصلحة العامة، والإنسان الذي لا يرعى مصلحة الآخرين، ولا يرى إلا مصلحة نفسه هو إنسان لا ينظر إلى أمته».
غمر حب الوطن والشعب والدنا الحنون، فسعى جاهداً لحماية وتعزيز الهوية الوطنية، هوية تتجاوز الحدود، وتنطلق إقليمياً وعالمياً، بما يُعزز قيمة الولاء والانتماء، والمشاركة الفعالة في بناء المجتمع وتحقيق تطلعاته.