يعد التفكير الجماعي أداة قوية، لتعزيز التنمية في المؤسسات والدول، حيث يتيح تقوية روح العمل الجماعي، والتعاون بين الأفراد، وتحسين عملية اتخاذ القرارات، وتعزيز التنوع والإبداع والتعلم المستمر، ويلعب هذا النهج دوراً حاسماً في تطوير الفرد، وتعزيز قدراته الشخصية. وبشكل عام يعمل التفكير الجماعي على استثمار إمكانات الجماعة بفاعلية، لتحقيق التقدم والنمو الشامل المستدام للجماعة والفرد.
يعتبر الشيخ زايد، طيب الله ثراه، مثالاً رائعاً للقائد، الذي تبنى الفكر الجماعي في تأسيس الدولة الوطنية، إذ جمع فكره بين التقاليد العربية والإسلامية، والرؤية الحديثة للتنمية والحكم. استخدم هذا الفكر للتعامل مع قضايا الدولة، بإشراك مختلف الأطراف المعنية مثل المواطنين، والمنظمات غير الحكومية والشركات والخبراء والأكاديميين والشركاء الخارجيين، وحث على إنتاج حلول مبتكرة ومستدامة، لمواجهة التحديات المعقدة، التي تواجه المجتمع، ووظف هذا الفكر أيضاً في تعامله على مستوى العالم العربي والإسلامي، كما يستنتج من قوله: «إن في العالم العربي والإسلامي قادة، والقادة كالبنيان الذي يقوم على قواعد تحمله، ولا يجوز لهؤلاء القادة أن يعملوا بدون شعوبهم، وبدون التشاور معهم، والرجوع إليهم، حتى على مستوى الأفراد والأسرة الواحدة، هذا الأمر قائم، وكذلك يجب على المسؤولين والشعوب مناصرة قادتهم وتبادل الرأي فيما يواجهونه من قضايا، بحيث يكون التلاحم بين القادة والشعوب وبين الشعوب والقادة لخير البلاد والعباد».
تنوع
تميز الفكر الجماعي عند الوالد المؤسس، طيب الله ثراه، بتنوع الأفكار والاهتمام بالمقترحات، وعمل على تشجيع الحوار المباشر مع الجهة المعنية، لاستخلاص مجموعة واسعة من الأفكار المبتكرة من مصادرها الصحيحة لحل المشاكل المطروحة، ونلمس ذلك في قناعة الوالد المؤسس، التي يعبر عنها بقوله: «إننا أهل وإخوان، وأصحاب مصلحة واحدة ومصير واحد، وعلينا أن نتحرى الحقيقة، ونلم بكل التفاصيل والوقائع من مصادرها، لا أن نعتمد على ما ينقل من هنا وهناك، والحوار المباشر هو الأسلوب الأمثل؛ لأنه يعمق التفاهم».
للاستغلال الأمثل لقوة التفكير الجماعي كان، طيب الله ثراه، يهيئ بيئة محفزة للابتكار والإبداع، ويشجع على تبادل الخبرات والمعرفة، الأمر الذي يؤدي إلى تطوير حلول جديدة ومجدية، غير تقليدية ومبتكرة للتحديات المعقدة، وكان يؤمن بالفكر قبل الفعل، ويقول في ذلك: «إن أسلوب الحوار يؤدي إلى التوصل إلى أنسب الحلول المجدية».
روح التعاون
وقد أسهم الفكر الجماعي عند مرحلة تأسيس الدولة في بناء روح التعاون والعمل الجماعي داخل الدولة، حيث جعل، طيب الله ثراه، كل مواطن جزءاً من العملية الإبداعية، وأشعره أن أفكاره مهمة ومقبولة، حيث يخاطب المجتمع قائلاً: «علينا أن نجلس سوياً، ونقلب الأمور ونناقشها بهدوء، وسوف نصل بهذه اللقاءات إلى أفضل النتائج؛ لأن الهدف هو رفع مستوى المواطن وتقدمه»، وهذا ما أسهم في تعزيز التواصل والتعاون بين أفراد المجتمع، وتعزيز روح العمل الفرقي، وتقوية شعور الانتماء والمسؤولية.
اعتبر الشيخ زايد الفكر الجماعي أساساً قوياً لاتخاذ القرارات المستنيرة، وعلى هذا الأساس، طالب بالوضوح والصراحة في النقاشات الجماعية، وتقبل تقييم الأفكار المطروحة وتحليلها، واختيار الحلول الأمثل منها، كما نفهم من قوله: «إن واجبنا أن نناقش الأمور بصراحة وروية حتى تتضح الصورة وخاصة فيما يتعارض مع المصلحة الوطنية، وعلينا أن نعمل على تغيير ما يجب تغييره إلى الأفضل لمصلحة الوطن والمواطن».
معارف
جعل الشيخ زايد أسلوب الفكر الجماعي قنطرة لتعزيز التطوير الشخصي والتعلم المستمر، وفرصة لتوسيع المعارف والارتقاء بالمهارات، والاستفادة من التجارب المتبادلة، حيث يقول: «إنك تجدنا نجلس ونتحاور ونتناقش لكي نعرف آراء بعضنا، والمسؤولية موزعة على كل شخص مسؤول في موقع عمله».
يعتبر الفكر الجماعي عند الشيخ زايد مادة تدرس، وممارسة متميزة فعالة في إدارة الدول، تعزز التنوع والإبداع، والتعاون وروح الفريق، وتحسن صناعة القرار، وتدعم التطوير الشخصي، والتعلم المستمر.