شعرت بالانبهار حقيقة عند زيارتي المبنى الثقافي في العاصمة الأذربيجانية باكو والذي تم تصميمه من قبل المبدعة زها حديد. لم تكن حديد مهندسة معمارية عادية، وإنما كانت فنانة وخارجة عن المألوف وسابقة لزمانها كغيرها الكثير من المبدعين والعباقرة.

لا تزال تصميمات المهندسة عراقية الأصل المنتشرة في أرجاء المعمورة، وحتى بعد رحيلها عن عالمنا المادي، شاهدة على إبداعها وهذا يقودنا إلى تساؤل: هل العباقرة يولدون أم يصنعون؟

ضرب لنا ريتشارد ويليامز مثالاً رائعاً في الفيلم السينمائي الذي قام الممثل الأمريكي الشهير ويل سميث بتجسيد شخصيته استناداً إلى القصة الحقيقية لفينوس وسرينا ويليامز؛ فلم يتقاعس والدهما بسبب فقره في دعمهما، وإنما أدى دوره بكل ما أوتي من قوة وبإيمان من أجل أن يراهما بطلتين في لعبة التنس الأرضي، وذلك بتدريبهما نهاية كل أسبوع منذ نعومة أظفارهما على مدى سنوات، حتى أصبحت رياضة التنس جزءاً لا يتجزأ من حياتهما.

وضرب لنا الآخر لازلو بولغار مدرس الشطرنج وعالم النفس مثالاً آخر على تربية بناته الثلاث على لعبة الشطرنج منذ صغرهن أيضاً ومن عمر أربع سنوات، ما جعلهن بطلات أولمبياد يحتللن المراكز الأولى في اللعبة على مستوى العالم.

وعلى الرغم من أن ريتشارد ويليامز ولازلو بولغار أثبتا للعالم أنه يمكن تدريب أي شخص في أي مجال ليصبح عبقرياً، وخصوصاً إذا توافرت للمبدع والعبقري البيئة الحاضنة والتدريب الممنهج والمستمر، فإنه لا يمكننا أيضاً إنكار أن هناك الكثير من المبدعين الذين سبقوا أزمنتهم ولم يمروا بالتدريب الانتظامي نفسه، واستطاعوا أن يبهروا العالم بإبداعهم الفطري.

ماذا لو تحلينا بعقلية العبقري والمبدع وامتلكنا درجة عالية من الفضول لتحقيق التميز في المجال الذي لدينا الشغف فيه؟ ماذا لو لم نتخذ غياب التدريب والبيئة الحاضنة حجة دائماً في عدم تنمية موهبتنا وقمنا باستخدام ما هو متوافر لدينا لإضافة ولو القليل من الإبداع في محيطنا؟