برز قطاع الطاقة واحداً من القطاعات القليلة العابرة للحدود التي يمكنها تجاوز تعقيدات الجغرافيا السياسية والاقتصاد والأجندة الخضراء مع الاحتفاظ بتأثير ملموس على الشركات والمستهلكين.
على هذا النحو، فإن آثاره بعيدة المدى تعني المزيد من النقاش العام حول تحول الطاقة، وتأثيرات الأزمة الروسية الأوكرانية، واستراتيجيات صناعة القرار في منظمة أوبك، ويضاف إليها في الآونة الأخيرة، مستقبل البترودولار.
من منظور قطاع الطاقة، قدم التحول في الجغرافيا السياسية على الأقل موضوعاً واحداً يمكن أن تتفق عليه جميع الشركات تقريباً، ألا وهو أهمية مكان تأسيس الأعمال والشركات.
تاريخياً، اختار العديد من اللاعبين البارزين أن يكونوا قريبين من مصادرهم للطاقة أو أقرب مركز مالي، مما أدى إلى تحول دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وسويسرا وسنغافورة إلى مراكز إقليمية، حتى أن بعضها يقدم حوافز ضريبية.
ولكن مع تزايد التقلب وعدم اليقين بشأن تحقيق التوازن بين الاستدامة المستقبلية والعرض والطلب الحاليين، اضطرت العديد من الشركات إلى إلقاء نظرة أوسع على المشهد العالمي وتحديد الدول التي يمكن أن توفر الدعائم المؤسسية لإطار قانوني وتنظيمي واضح وشفاف، وأنظمة ضريبية مواتية، والاستقرار السياسي والاقتصادي، والوصول إلى الأسواق، والبنية التحتية، والخدمات اللوجستية.
باعتبارها مركزاً إقليمياً مفضلاً منذ فترة طويلة لبعض أكبر الشركات في العالم، فقد نمت دبي لتصبح مركزاً عالمياً رئيسياً للتجارة والتمويل والسياحة؛ ومع ذلك، فهي تلتزم بضبط وتحسين بيئة الأعمال لدعم تطوير الشركات متعددة الجنسية التي اتخذت منها مقراً رئيسياً لها بعد أن كانت تعتبرها مركزاً للتجارة.
وقد كان مركز دبي للسلع المتعددة، الحائز على جائزة أفضل منطقة حرة في العالم على مدار ثماني سنوات متتالية، في قلب هذا التحول من خلال تهيئة بيئة تجسد استراتيجية دبي الاقتصادية لجذب ودعم الأعمال - ومع ذلك، فقد أسهمت الاستراتيجيات الثابتة وطويلة الأجل التي يتبناها المركز في تحوله إلى مركز لمجتمع الطاقة العالمي.
أدرك مركز دبي للسلع المتعددة منذ المراحل الأولى لتأسيسه الأهمية الوظيفية لجميع منتجي الطاقة، وبينما يعد الانتقال نحو مستقبل مستدام أمراً بالغ الأهمية، فإن النهج المحسوب والدقيق الذي يتبناه يعد جزءاً أساسياً في جهود تجنب النقص الجماعي، أو الارتفاع الهائل في الأسعار للمستهلكين كما هو الحال حالياً في أوروبا.
وبناءً على ذلك، بدأ مركز دبي للسلع المتعددة الدخول في شراكات منذ يونيو 2007، عندما وقع اتفاقية مع إيكوسيكيوريتيز (EcoSecurities) لخفض انبعاثات الكربون في إمارة دبي، أو بعد نصف عام فقط، في يناير 2008، عندما اتفق مع شركة نفط الهلال وشركة دانة غاز على المساعدة في تطوير الطاقة النظيفة في المنطقة.
تضم المنطقة الحرة لمركز دبي للسلع المتعددة حالياً 3026 شركة للطاقة، انضم 1517 منها خلال السنوات الثلاث الماضية، مما جعل هذا القطاع واحداً من أبرز القطاعات في قاعدة الشركات الأعضاء في مركز دبي للسلع المتعددة البالغ عددها أكثر من 23000 شركة، وجزءاً مركزياً من الاستراتيجية الأوسع للمركز لتطوير منظومة مركزية لا توفر بيئة تنافسية فحسب، بل توفر أيضاً مرافق موسعة لدعم التجارة والابتكار وبناء المجتمع.
في هذا السياق، تشمل الشركات الأعضاء في مركز دبي للسلع المتعددة شركة أرامكو للتجارة، وهي شركة تابعة لشركة أرامكو السعودية، وشركات ميركوريا، وبتروناس، ومونجاسا، وترافيجورا، على سبيل المثال لا الحصر، وفي حين أن لكل منها سبباً مختلفاً لتأسيس أعمالها في المركز، فإن الإجابة الأبرز التي قدمها العديد من أعضاء إداراتها التنفيذية الذين تحدثنا معهم كانت هي النظام الإيكولوجي للمركز وحقيقة أن مجتمعه مليء بخبراء الطاقة المتمرسين. كما تضمنت الإجابات الأخرى قدرة المركز التنافسية مع مراكز الطاقة الأخرى من حيث تكلفة المعيشة وسهولة ممارسة الأعمال وإمكانية الوصول، سواء إلى المواد الخام أم إلى الأسواق الجديدة سريعة النمو.
متحدثاً بالنيابة عن شركة يلو دور إنرجي (Yellow Door Energy)، أحد شركاء الطاقة المستدامة الرائدين في المنطقة، قال ديفيد بروفينزاني، المدير الإقليمي في دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان: «تحتفل شركة يلو دور إنرجي بالذكرى السنوية الثامنة لتأسيسها هذا العام، ويشرفنا أن يكون مقرها الرئيسي في دبي منذ عام 2015.
أسسنا أعمالنا في مركز دبي للسلع المتعددة في عام 2017 واستمتعنا تماماً بوجود مكاتبنا في منطقة أبراج بحيرات جميرا الجميلة.
وقد اخترنا مركز دبي للسلع المتعددة ومنطقة أبراج بحيرات جميرا لتكون مقراً لنا نظراً لقربها من المناطق الصناعية، حيث يتواجد معظم عملائنا، إلى جانب الوصول المريح إلى شبكة المترو، وهو ما يتوافق مع التزام شركتنا بالاستدامة، بالإضافة إلى المهنية العالية والمكانة التي يحملها اسم مركز دبي للسلع المتعددة.
وتعد دبي وجهة رائعة للأعمال، لا سيما لشركات الطاقة. وقد قادت الإمارة مخطط صافي القياس في عام 2015، واليوم، تعد دولة الإمارات العربية المتحدة رائدة في مجال الاستدامة.
ومع اقتراب انعقاد مؤتمر COP28، يشرفنا أن نكون شركة طاقة مستدامة تأسست في دبي وتتخذ من الإمارة مقراً رئيسياً لها لنساعد الشركات الإماراتية على تحقيق أهدافها الخاصة بخفض الكربون مع الحفاظ على المنافسة والمرونة».
من جانبه، قال روبرت لافيا، رئيس مجلس إدارة داكيا إنرجي (Dakia Energy): «لدى داكيا إنرجي خطط طموحة لجلب خام حيوي جديد «أخضر» خالي من الكربون إلى صناعة النفط والغاز العالمية من خلال أحد استثماراتها ألدر فيولز (Alder Fuels). نحن نركز على تنمية أعمال شركتنا عبر الأسواق الناشئة لوفرة الكتلة الحيوية.
ويمنحنا العمل في مركز دبي للسلع المتعددة بصمة عالمية فورية وإمكانية الوصول إلى اللاعبين الرئيسيين في مجالنا. من خلال موقع استراتيجي في دبي مع كل السياسات والأنظمة الداعمة، سيظل مركز دبي للسلع المتعددة جسرنا إلى النجاح على المستوى العالمي».
فيما قال الرئيس التنفيذي لشركة سيتيزنز كومبانيز (Citizens Companies)، سيرجيو دي لا فيجا: «تشهد صناعة الطاقة تحولاً عميقاً، يسميه الناس إزالة الكربون، بينما نسميه نحن التحديث.
تقنيات متعددة مثل السيارات الكهربائية، وتخزين البطاريات، والشبكات الذكية، والهيدروجين، والذكاء الاصطناعي، والكريبتو تتقارب وتتلاقى من أجل إنشاء نماذج أعمال جديدة.
ومركز دبي للسلع المتعددة هو المنظومة ومنصة الأعمال المثالية لتحقيق الازدهار في عصر الطاقة الجديد هذا».
من جانبه، أوضح روجر برنشتاين، عضو مجلس إدارة مركز دبي للسلع المتعددة، أن «مركز دبي للسلع المتعددة يقدم مجموعة من المزايا لشركات المنطقة الحرة لا مثيل لها، والتي تمنح الشركات الأعضاء الإعفاء الكامل من ضريبة الدخل على الشركات والأفراد، وتوفر أحدث المرافق التجارية والسكنية، وبيئة أعمال تركز على السلع.
وتسود روح المبادرة في مركز دبي للسلع المتعددة، حيث يتجلى ذلك من خلال فعاليات التواصل التي يرعاها مركز دبي للسلع المتعددة ونوادي الأعمال والمؤتمرات التي تركز على الصناعات المختلفة».
من خلال نادي الطاقة التابع لمركز دبي للسلع المتعددة، يمنح الأعضاء الفرصة للتفاعل والمناقشة وتبادل المعرفة إلى جانب الوصول إلى أحدث البيانات المقدمة من خلال S&P Global Commodity Insights، مع الاستفادة من قائمة المزايا المذكورة أعلاه، والتي أصبحت الآن أكثر قيمة من أي وقت مضى.
كمنطقة حرة مخصصة، يقدم مركز دبي للسلع المتعددة إمكانية التملك الأجنبي بنسبة 100 في المائة مع عدم وجود قيود على إعادة رأس المال والأرباح إلى الوطن، بينما تظل الشركات معفاة من ضريبة الدخل على الأفراد والشركات.
وكجزء من إطاره التنظيمي، يوفر المركز أيضاً بيئة داعمة بالكامل، بما في ذلك إجراءات التأسيس والترخيص ونظام قانوني واضح المعالم يحمي حقوق الشركات.
بالإضافة إلى موقعه الاستراتيجي، الذي أظهر مرونة ملحوظة على مدى السنوات الثلاث الماضية، تستفيد شركات الطاقة أيضاً من استمرارية الوصول المباشر إلى بعض الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم مع الاستفادة من البنية التحتية المتطورة للغاية لمركز دبي للسلع المتعددة، بما في ذلك المكاتب، ومرافق التخزين، والمرافق اللوجستية ذات المستوى العالمي - كل ذلك على خلفية البنية التحتية الأوسع لإمارة دبي من الفنادق والمطاعم والمساكن والأنشطة الترفيهية ذات الجودة العالية.
من خلال إنشاء مجتمع لا يمكنه العمل بكفاءة فحسب، بل تحقيق التعاون أيضاً، أثبتت الاستراتيجية الشاملة لمركز دبي للسلع المتعددة بنجاح أنه من خلال الاستماع إلى متطلبات عملائه وتقديم حلول فورية، فإنه لا يستطيع النمو فحسب، بل الأهم من ذلك أيضاً، الاحتفاظ بأعضائه باستمرار من خلال وضع القيمة على رأس سلم أولوياته.
مع اقتراب دولة الإمارات العربية المتحدة من استضافة COP28 وعرض استثماراتها الهائلة في دعم تلبية احتياجاتنا الجماعية من الطاقة، يتطلع مركز دبي للسلع المتعددة إلى توسيع مجتمعه واستقبال شركاء جدد يشتركون معه في رؤيته للعصر الجديد لتوليد الطاقة.
* الرئيس التنفيذي الأول والمدير التنفيذي لمركز دبي للسلع المتعددة