في كل تجارب الشعوب والمجتمعات الناجحة، يشكل القانون ضرورة تستقيم بها حركة الحياة، ومقوماً أساسياً في بناء نهضتها، وضامناً مجرداً لإقرار الضوابط التي تقف من الجميع على مسافة واحدة لتحقق بسيادة القانون قيم العدالة والمساواة، وتصوغ كياناً مجتمعياً مستقراً وآمناً وناهضاً في مختلف قطاعاته، وترسي معياراً دقيقاً لما عليه الدول من مستوى حضاري.

ويستمد القانون قوته في دولة الإمارات من القيم الدستورية التي تتأسس عليها الدولة في تأكيد سيادة القانون دون تمييز لأية اعتبارات، ويرسخها إيمان القيادة الرشيدة بأهميته في إرساء دعائم النهضة التنموية ومهيئاتها، وتعززها كذلك منظومة القيم التي تربى عليها شعب الإمارات، والتي تضمن معها ثوابت وضوابط أخلاقية لا تنفصل عن الغاية المجتمعية والإنسانية للقانون، من الالتزام بمقومات الهوية الوطنية، وإعلاء التقاليد السوية التي ترسخ مفهوم التعايش، وتحمي حقوق وكرامة الإنسان، وتحترم الآخر على اختلاف ثقافته ومرجعيته.

وقد خطت دولة الإمارات خطوات واسعة في تطوير منظومتها القانونية المتكاملة وفق المؤشرات العالمية، سواء من خلال توفير المرونة التشريعية القادرة على أن تواكب واقعاً متسارعاً بمتغيراته، أو من خلال توظيف الأدوات التي تحقق متطلبات الرقمنة في المنظومة العدلية، أو حتى بقراءة معطيات الواقع لاستباق المستقبل بوعي وإدراك عميقين، ليضعنا ذلك كله أمام سياسة تشريعية وطنية فريدة تلبي تطلعات وتوجهات الدولة في تحقيق الاستدامة بمفهومها الشامل، وتوفير بيئة مستقرة يحكمها القانون، بما يسهم في حماية وقوة وتطور القطاع الاستثماري بالدولة.

وفي هذا المسار الذي تمضي فيه كل مؤسسات الدولة لترسيخ قيم القانون في ممارساتها، تحرص دائرة الشؤون القانونية لحكومة دبي من خلال دورها في العمل القانوني الحكومي على أن تكون دبي نموذجاً عالمياً في سيادة القانون، وأن تحقق عبر إجراءاتها أقصى مستويات الشفافية والنزاهة والحيادية، كما أنها عملت في إطار اختصاصها بتنظيم القطاع المهني القانوني بالإمارة على تحديث تشريعي مدروس للوائح المنظمة لعمل المهنة، لتكون أكثر إسهاماً في التنمية الشاملة، وأكثر تحقيقاً للتنافسية الداعمة للممارسة القانونية التي ترتكز على الجودة والنوعية والتنوع، ويحمي ذلك كله دور رقابي تؤتمن الدائرة على أدائه، كل ذلك جهود تتكامل جميعها مع كل مؤسسات الدولة لتبقى سيادة القانون عنوان الإمارات وجوهرها بكل ما فيها، ولكل من فيها.

إننا وإذ نحتفل باليوم العالمي للقانون، لنؤكد أن الجميع شركاء في مسؤولية إعلاء قيمه والالتزام بثوابته الضابطة لكل مناحي حياتنا، في ظل قيادة رشيدة جعلت من العدالة وسيادة القانون وترسيخ مبادئه نهجاً وطنياً وإنسانياً.