تتوالى التطورات والمؤشرات التي تكشف بوضوح أننا بصدد ميلاد شرق أوسط جديد مختلف كلياً عما شهدته المنطقة في السابق.. شرق أوسط يسوده السلام والتعاون والازدهار، وترسم ملامحه قيادات شابة حكيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الشقيقة، تنظر للمستقبل وتضع الخطط والاستراتيجيات الطموحة لتحقيق التفوق والريادة فيه.

قبل أيام كانت الذكرى الثالثة لاتفاقيات السلام الإبراهيمية التي وضعت اللبنات الأولى للشرق الأوسط الجديد، والتي بدأت تؤتي ثمارها في تعزيز التعاون الإقليمي في العديد من المجالات الاقتصادية والتكنولوجية، واستثمار الطاقات والقدرات المشتركة لتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة كلها.

ورغم التحديات التي تواجه مسار تحقيق السلام الإقليمي الذي تستهدفه الاتفاقيات الإبراهيمية، ولاسيما ما يتعلق بالسعي لإيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية وفق المرجعيات الدولية المتعارف عليها، فإن هذا المسار يتقدم بانتظام، ويثبت مع كل يوم أهميته وجدواه. وتأكيداً على ذلك، جاء تصريح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال مقابلته التلفزيونية المهمة مع فوكس نيوز، والذي قال فيها إن بلاده تقترب بشكل مطرد من تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وإقامة علاقات دبلوماسية معها، مشدداً على أن القضية الفلسطينية ستظل مهمة جداً لمسألة إقامة العلاقات مع إسرائيل، ولا بد من حلها.

وقبل أيام أيضاً، كان الإعلان عن مشروع الممر الاقتصادي التاريخي، على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، والهادف للربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، والذي تم التوقيع المبدئي عليه في نيودلهي بين الولايات المتحدة والهند والسعودية ودولة الإمارات والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، والذي وصفه الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه «سوف يغير قواعد اللعبة».

وقد سمع العالم كله الرئيس بايدن وهو يكرر كلمة «شكراً» ثلاث مرات لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، على دوره في إنجاز هذا المشروع قائلاً «إننا لم نكن لنكون هنا من دونك». ولا شك أن هذا المشروع الضخم الذي يضم دولاً عدة، ويشمل مشروعات للسكك الحديدية وربط الموانئ البحرية، إلى جانب خطوط لنقل الكهرباء والهيدروجين، وكابلات نقل البيانات، لن يغير الشرق الأوسط فقط، وإنما سيغير العالم كله.

إن ما تشهده المنطقة من تطورات غير مسبوقة، ترسم ملامحها القيادة الرشيدة في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، يشير بوضوح إلى أن الشرق الأوسط الجديد الذي يتم التبشير به قد انتقل بالفعل من باب التمنيات والتخطيط إلى أرض الواقع، حاملاً معه التفاؤل بمستقبل أفضل لدول المنطقة وشعوبها.

وهذا التفاؤل يعززه بالطبع الرؤى الطموحة التي تحملها القيادتان الإماراتية والسعودية لشعبيهما ولكل دول المنطقة. وقد عبر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن هذا التفاؤل، عندما قال سموه في تعليقه على مقابلة الأمير محمد بن سلمان في قناة فوكس نيوز الأمريكية: «متفائلون بنجاح المملكة.. ومتفائلون بقيادتها الطموحة الواعية.. ومتفائلون بشرق أوسط جديد بتعاون دوله ليعود مركزاً حضارياً واقتصادياً عالمياً بإذن الله..».