أفرزت الثورة المعلوماتية تطورات في استخدام الحاسب الآلي وشبكة الإنترنت والأجهزة الذكية، وترتب على ذلك نقلة كبيرة في التعاملات والتجارة، منها التوقيع الإلكتروني الذي يُستخدم في العقود الإلكترونية المبرمة عبر شبكة الإنترنت، إذ أصبحت معظم التعاملات المالية والتجارية تتم بواسطة الكتابة الإلكترونية، وقد نتج عن هذا التطور، إحداث تغيير في العديد من المفاهيم القانونية، كمفهوم الكتابة والمحرر والتوقيع، إذ أوجدت هذه التقنية أشكالاً جديدة للكتابة والمحرر والتوقيع، تتميز جميعها بالطابع الإلكتروني.

لقد دأب الكثيرون على استعمال مصطلح التوقيع الإلكتروني ELECTRONIC SIGNATURE، ليصف مصطلح التوقيع الرقمي DIGITAL SIGNATURE، علماً بأن المصطلحين لا يؤديان نفس المعنى، ففي حين يشير التوقيع الإلكتروني إلى جميع الوسائل والأساليب الممكنة لإنتاج المُوَقِع لتوقيعه بصورة إلكترونية، قاصداً توثيق السند الموقع، وقاصداً الالتزام بمضمون السند الموقع، نجد أن التوقيع الرقمي هو ليس إلا وسيلة واحدة من وسائل التوقيع بصورة إلكترونية، فالتوقيع الإلكتروني هو مصطلح أشمل وأوسع.

وفي ظل ضمانات معينة، يُمكن للتوقيع الإلكتروني أن يقوم بنفس الدور الذي يؤديه التوقيع العادي، ففي الحقيقة، يستطيع التوقيع العادي تأدية مجموعة من الوظائف حسب طبيعة المستند الحامل للتوقيع، لأن التوقيع في هذه الحالة، من الممكن أن يكون دليلاً عند نشوب نزاع مستقبلي بين طرفيه، إضافة إلى أنه أداة للتعبير عن إرادة الشخص في قبوله الالتزام بمضمون العقد، ووسيلة لتوثيق العقد وتأمينه من التعديل، كما أنه يُميز شخصية صاحبه، ويحدد هويته، ومع ذلك، فإن التوقيع الإلكتروني يتفوق على التوقيع العادي في بعض المجالات، فهو يحقق جميع الوظائف السابقة في تأكيد شخصية صاحب التوقيع بشكل روتيني في كل مرة يستعمل فيها الرقم السري والمفتاح الخاص، وبمعنى أدق، التوقيع الإلكتروني ليس مجال خلاف في مدى صحته، كما هو الحال في معظم المحررات الموقعة يدوياً بطريق التوقيع العادي، ويعزز ذلك التقنية الحديثة التي تُؤَمِّن التوقيع الإلكتروني عن طريق نظام المعاملات الإلكترونية الآمنة، حيث يوفر هذا النظام تحقيقاً لشخصية صاحب التوقيع.

وقد نص المرسوم بقانون اتحادي رقم ( 46) لسنة 2021، بشان المعاملات الإلكترونية وخدمات الثقة في المادة (8)، على أنه:
1-    إذا اشترط أي تشريع نافذ في الدولة وجود توقيع أو ختم على مستند أو سجل أو نص على ترتيب نتائج معينة على عدم توقيع مستند أو سجل أو ختمه، فيُعد هذا الشرط متوافراً في الحالات الآتية:
أ‌-    استخدام وسيلة تعريف لهوية الشخص، والإشارة إلى قصد ذلك الشخص بالنسبة للمعلومات التي يتضمنها المستند الإلكتروني.
ب‌-     إذا حققت الوسيلة المستخدمة أحد الشرطين الآتيين الأول، أن تكون معتمدة للغرض الذي تم إنشاء أو إرسال المستند الإلكتروني له، والثاني أن تستوفي المتطلبات الواردة في الفقرة (أ) من البند 1 من هذه المادة، سواء بذاتها أو مع أي إثبات آخر. 
2-    يجوز لأي شخص أن يستخدم أي شكل من أشكال التوثيق الإلكتروني، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

كما نصت المادة (12) من ذات المرسوم بقانون، على أنه (يُعتبر المستند الإلكتروني صادراً من المنشئ إذا كان هو من أصدره بنفسه، وفي العلاقة بين المنشئ والمرسل إليه، يُعد المستند الإلكتروني صادراً من المنشئ إذا أُرسل من قبل شخص له صلاحية التصرف نيابة عن المنشئ، أو إذا أُرسل من قبل وسيط إلكتروني مؤتمت، ومبرمج للعمل تلقائياً من قبل المنشئ أو نيابة عنه، وفي العلاقة بين المنشئ والمرسل إليه، يحق للمرسل إليه أن يعتبر المستند الإلكتروني صادراً عن المنشئ، وأن يتصرف على أساس هذا الافتراض، إذا طبق المرسل إليه تطبيقاً صحيحاً، إجراء سبق أن وافقه عليه المنشئ بغرض التأكد من أن المستند الإلكتروني قد صدر عن المنشئ لهذا الغرض، أو إذا كان المستند الإلكتروني الذي تسلمه المرسل إليه ناتجاً عن تصرفات شخص يُمكن بحكم علاقته بالمنشئ، أو بأي وكيل للمنشئ، من الوصول إلى طريقة يستخدمها المُنشئ لإثبات أن المستند الإلكتروني صادر عنه.

ويمكن القول إن اشتراط التوقيع الخطي على المحررات المكتوبة، أصبح لا يتناسب مع الأساليب المستخدمة في التعاملات والتجارة الإلكترونية، إضافة إلى أنه من غير المُتَصَور إيراد توقيع خطي على محرر إلكتروني، ذلك لأن وجود البديل الإلكتروني للتوقيع الخطي، يحقق ذات الأهداف، ويؤدي ذات الوظائف التي يحققها التوقيع الخطي، وهو أمر لازم لتوفير التوثيق للمعاملات والسجلات الإلكترونية.