«الدبلوماسية» أحد أبرز المفاهيم في مجال العلاقات الدولية، وهنا أقصد الدبلوماسية الرسمية، حيث يدرك الجميع أهميتها لدى الحكومات وفي السياسة الخارجية للدول، إلا أنه في مقابلها ظهر ما يعرف بـ«الدبلوماسية غير الرسمية» كالدبلوماسية الثقافية، إلا أن من أبرز وأهم أنواعها «الدبلوماسية البرلمانية».
اهتمامات وأدوار الدبلوماسية البرلمانية متنوعة ومتعددة ومن أهم اهتماماتها «التغيرات المناخية»، وما يترتب عليها من تداعيات كارثية يمكن أن تؤثر على الجهود الدولية المبذولة لتحقيق الأمن والسلم الدوليين، بل تصل إلى تهديد بقاء كوكب الأرض.
رغم سلبيات ظاهرة التغير المناخي إلا أن هناك جانباً إيجابياً يبرز في تضافر الجهود الدولية والإقليمية والمجتمعية للحد منها، حتى برز بما يعرف اليوم بالـ«الدبلوماسية المناخية» التي تتم من خلال الجهود الثنائية والمتعددة الأطراف بين الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية ومؤسسات المجتمع المدني، ومنظمات حقوق الإنسان حول العالم..
وغيرها من الأطراف ذات الصلة، لمكافحة الآثار السلبية للتغير المناخي، حتى عقدت العديد من الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية للبحث في سبل تقليل الانبعاثات من أهمها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي (أول حدث رئيسي عالمي في تاريخ دبلوماسية المناخ)، وقد أفرزت تلك الاتفاقية آلية سنوية تعمل على مراقبة تنفيذ بنودها بشأن المناخ، هذه الآلية تمثلت في مؤتمر الأطراف السنوي (COP).
وقد أسفر المؤتمر عن عدد من المخرجات، كان من أبرزها وضع حدود ملزمة قانونياً لانبعاثات الاحتباس الحراري، وتصميم برنامج عمل للتكيف مع التغير المناخي، وإطلاق خطة عالمية لإنشاء نظام للإنذار المبكر، وصياغة برنامج الخسائر والمخاطر.
إلا أن هناك عدداً من الصعوبات والتحديات التي تواجه المؤتمر نذكر منها، تباين المواقف بين الدول الأعضاء، وعدم وضوح آليات تمويل العمل المناخي.
ولأن دولة الإمارات من الدول الفاعلة عالمياً والحريصة على الإنسان ستنظم مؤتمر «كوب 28» اعتباراً من 30 نوفمبر الحالي وحتى 12 ديسمبر 2023، ومن المتوقع أن يحضره أكثر من 70 ألف مندوب من مختلف أنحاء العالم، منهم 140 رئيس دولة وحكومة، وممثلون عن منظمات غير حكومية وأفراد مستقلون وشركات من القطاع الخاص، سيقومون باتخاذ قرارات بيئية مهمة في مقدمتها دعم تمويل قضية المناخ.
أما أبرز القضايا المتوقع مناقشتها في المؤتمر فهي كيفية تمويل صندوق الخسائر والمخاطر، والتدابير الممكنة في ما يتعلق بتمويل المناخ وتوسيع نطاق العمل المناخي.
بالإضافة إلى قضية الإمداد الغذائي العالمي، والتزامات الدول بخفض غازات الاحتباس الحراري. ويتوقع الكثير من دولة الإمارات أن تقوم بدور رئيس في توجيه نتائج المؤتمر نحو تعزيز مكافحة تغير المناخ من خلال الدفع نحو تنفيذ أهداف اتفاق باريس، والتصدي للتحديات بحيادية.
وتعد دولة الإمارات أول دولة في المنطقة تعلن عن هدفها الخاص بتحقيق الحياد المناخي في مدة أقصاها عام 2050، ويتضمن الهدف انتقالها إلى اقتصاد أخضر وطاقة نظيفة قادرين على التكيف مع استحقاقات تغير المناخ وتداعياته، مع الاهتمام بجودة الحياة والنمو الاقتصادي.
ومقابل الجهود الإماراتية في مواجهة التغيرات المناخية وتداعياتها على المستوى الرسمي، هناك جهود برلمانية موازية قام بها المجلس الوطني الاتحادي باستخدام كل الآليات المتاحة له في مجال العمل المناخي، وذلك على مستويات عدة، كالتأكيد في الفعاليات الدولية والإقليمية على رؤية دولة الإمارات للمحافظة على البيئة والمناخ.
كذلك التعاون مع الحكومة على سن التشريعات لإيجاد التوازن المناسب بين النمو الاقتصادي والمسؤولية البيئية.
وقد أدت الدبلوماسية البرلمانية الإماراتية دوراً مهماً لمواكبة جهود الدولة بشأن المناخ، بالتواصل والتعاون مع مختلف البرلمانات في مجال العمل المناخي، والترويج لمؤتمر (كوب 28)، كما يعمل المجلس الوطني الاتحادي مع الاتحاد البرلماني الدولي لتنظيم مؤتمر برلماني دولي ضمن فعاليات مؤتمر الأطراف (كوب 28).
والذي يشكل فرصة مهمة للبرلمانيين والسياسيين والخبراء من جميع أنحاء العالم للتبادل والتواصل والتعاون في مجال التغير المناخي وحماية البيئة، وسيمثل هذا المؤتمر البرلماني، الذي يتوقع أن يشهد مشاركة واسعة من برلمانات العالم المختلفة، والنتائج التي ستصدر عنه، عنصر دعم قوياً لمؤتمر (كوب 28)، وللجهود الرسمية الإماراتية للخروج بنتائج طموحة واستثنائية من المؤتمر.