خيمة مصنوعة من سعف النخيل. باب خشبي كبير في وسطه باب أصغر، يسمونه قديماً «فرخة». فتحة صغيرة في سور من سعف النخيل، يطلقون عليها قديماً «فرية». مجموعة من الأطفال يخرجون من «الفرية» يحمل أحدهم طفلاً أصغر.
طفل يجلس على الأرض وإلى جانبه عربة مقلوبة. يدخل الأطفال مرة أخرى من «الفرية». مكيف هواء بدائي، يطلقون عليه قديماً «بارجيل». يتلاعب الهواء بقطعة القماش التي داخل «البارجيل».
سيارة «لاندروفر» قديمة تدخل سوقاً شعبياً. لافتة مكتوب عليها «إلزم اليمين» مثبتة على قفص حديدي قديم. ثلاث سيارات «لاندروفر» أخرى تدخل السوق. «شيشة بترول» قديمة بيضاء مكتوب عليها اسم شركة «BP» البريطانية.
على «شيشة البترول» مكتوب نوعه «SUPER». عامل «شيشة البترول» يقوم بتعبئة سيارة بمضخة يدوية. قصر يرتفع فوقه علم إمارة أبوظبي، على بعض زواياه أبراج دائرية وعلى بعضها «مربعات» قديمة.
رجل يستحم من بركة ماء صغيرة. مجموعة من الجمال يظهر خلفها القصر وبعض بيوت السعف القديمة. رجلان يحلبان ناقة، يقوم أحدهما بعد الانتهاء من حلب الناقة بحمل الإناء الممتلئ، ويمضي ناحية القصر والبيوت.
رجل يركب حماراً ويمر من أمام القصر. رجل يقود ثلاثة جمال لتشرب من فلج ماء. سفينة خشبية متوسطة الحجم تبحر، يليها قارب خشبي صغير يجلس فيه رجل أجنبي بينما يجدف فيه رجلان. مجموعة من العمال يقومون بحمل أكياس كبيرة ليضعوها في سيارة «بيك أب» متوسطة الحجم في ما يبدو أنه ميناء بحري صغير.
مجموعة من السقائين، الذين كان يطلق على الواحد منهم اسم «هاويه» قديماً، يقومون بتعبئة صفائح ماء من مضخة يدوية، لوضعها على ظهور الحمير التي يستخدمونها لنقل الماء إلى البيوت، بينما يقف رجل وطفل يتابعان المشهد.
سيارة أمريكية تعبر من أمام الكاميرا التي تنتقل لتصوير السوق، حيث يبدو مجموعة من الرجال يتبادلون الحديث، ومجموعة من الباعة والبضائع. بائع أسماك وعدد من النساء يفترشن الأرض خلف مجموعة من الأسماك معروضة للبيع. باعة خضروات وفواكه يقوم أحدهم بوزن بعضها، وفي الخلفية طفل يرتدي غترة وعقالاً.
الكاميرا تسلط عدستها على وجه طفل يرتدي غترة وعقالاً فينطلق ضاحكاً للكاميرا. في الختام تسلط الكاميرا عدستها على لافتات ثلاثة محلات، فتظهر على التوالي: صيدلية أبوظبي الأهلية، ثم مطعم تاج محل، وأخيراً «Gulf Tailoring House». في محل الخياطة تظهر ماكينة خياطة، ورجل يعمل على الأرض.
كانت هذه هي مشاهد الفيلم الذي لا تتجاوز مدته 3 دقائق و53 ثانية، والذي انتشر عبر وسائط التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي. عنوان الفيلم هو «أبوظبي عام 1968». في الفيلم لقطات لمدينتي أبوظبي والعين قديماً.
عام 1968 له مكانته في تاريخ الإمارات والمنطقة كلها. ففي الثامن عشر من شهر فبراير من هذا العام اجتمع قطبا الإمارات، المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم إمارة أبوظبي، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم إمارة دبي، طيب الله ثراهما، في منطقة «سيح السديرة» القريبة من منطقة «السميح» الواقعة بين إمارتي أبوظبي ودبي. في خيمة نصبت على تلة صغيرة تدارس الشيخان الوضع بعد أن كشفت بريطانيا عن نيتها الانسحاب من منطقة شرق المتوسط بنهاية عام 1971م.
وجد الشيخان أن أفضل وسيلة للحفاظ على أمن الإمارات هي الوحدة، فوقعا اتفاقاً تاريخياً أعلنا من خلاله دمج إمارتيهما في اتحاد واحد، والمشاركة معاً في أداء الشؤون الخارجية والدفاع والأمن والخدمات الاجتماعية، وتبني سياسة مشتركة لشؤون الهجرة، وتركا باقي المسائل الإدارية إلى سلطة الحكومة المحلية لكل إمارة، فكان هذا الاتحاد بين إمارتي أبوظبي ودبي هو النواة الأولى التي تشكل منها اتحاد الإمارات بعد ذلك، وأدى إلى قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر عام 1971م.
اليوم عندما نشاهد كيف كانت الإمارات قبل أكثر من 50 عاماً، ونرى ما أصبحت عليه من نهضة وعمران وتقدم، لا يسعنا إلا أن نقف إجلالاً واحتراماً وعرفاناً لأولئك الرجال الذين صنعوا هذه المعجزة، وندعو لهم بالرحمة والمغفرة.