تعتبر دولة الإمارات من أهم الدول التي تنبهت إلى خطر تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، تلك الجماعة التي خرجت من تحت عباءتها جميع الجماعات الإرهابية والمتطرفة الأخرى التي نشرت العنف والفوضى والإرهاب في العديد من دول العالم.
وبالنظر إلى خطورة هذه الجماعة وممارساتها الإرهابية وأفكارها المتطرفة التي برزت واضحة للعيان بعد فوضى ما يسمى بأحداث الربيع العربي التي استغلها الإخوان في نشر الخراب والدمار بكثير من البلدان العربية، تحركت دولة الإمارات بجدية لمواجهة خطر هذه الجماعة على الأمن والاستقرار في المنطقة، وتفكيك أفكارها المتطرفة وتفنيدها بهدف كشف كذب وزيف الشعارات التي ترفعها والتي تتعارض مع توجهاتها الأيديولوجية التخريبية الواضحة.
أحد أهم أدوات المواجهة الإماراتية لخطر جماعة الإخوان المسلمين هي الأداة القانونية، بالنظر إلى حقيقة أن دولة الإمارات دولة قانون، حيث أصدرت الدولة العديد من القوانين التي تجرم الإرهاب وتضع الأسس التشريعية للتصدي له وللقوى التي تدعو إليه أو تمارسه او تموله منها: القانون الإتحادي رقم (7) لسنة 2014 في شأن مكافحة الجرائم الإرهابية، والمرسوم بقانون اتحادي رقم (2) لسنة 2015 في شأن مكافحة التمييز والكراهية،
والمرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الالكترونيه، والمرسوم بقانون اتحادي رقم (20) لسنة 2018 في شأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، فضلاً عن إصدار قائمة بالكيانات الإرهابية كان على رأسها تنظيم الإخوان المسلمين.
ضمن هذا السياق، جاء إعلان المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي النائب العام للدولة، مطلع العام الحالي 2024، بإحالة 84 متهماً أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي في الإمارات إلى محكمة أمن الدولة لمحاكمتهم عن جريمة إنشاء تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة.
ورغم أن أغلب هذه العناصر قد تم محاكمتهم في القضية رقم (17) لسنة 2013 جزاء أمن الدولة، إلا أن الجهات القانونية في الدولة تمكنت من جمع مزيد من المعلومات والتحريات التي تثبت أن المتهمين قد أخفوا الكثير من الأدلة التي تثبت تورطهم في الإعداد لارتكاب جرائم خطيرة في المجتمع الإماراتي، ما دفع النائب العام إلى إحالتهم إلى المحاكمة العلنية بمحكمة أمن الدولة والتي مازالت جارية.
ليس هناك ما هو أكثر خطورة على أي وطن من قيام عناصر يفترض أنهم يشكلون جزءاً منه يعيشون فيه ويأكلون من خيره ويعيشون في أمانه بمحاولة الإضرار بأمن ورفاهية واستقرار هذا الوطن، وإثبات الولاء لأعدائهم الذين يتربصون به.
ولكن هذا هو ديدن جماعة الإخوان وكل من ينتمي لها، فهم لا يعرفون معنى الأوطان، لأنها في منطقهم مجرد حفنة تراب، ولا يعرفون معنى الولاء والانتماء لوطن يحتويهم، بل يسعون إلى تحقيق أحلام بائدة وبالية للسيطرة على كل العالم العربي والإسلامي، حتى لو ترتب على ذلك تدمير كل شيء.
إن التصدي للتطرف والتعصب والكراهية والإرهاب كان ولا يزال أولوية كبرى بالنسبة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، لأن مثل هذه الظواهر السلبية تتعارض، بشكل كامل، مع منظومة القيم الحضارية للدولة التي تقوم على التعايش والتسامح والوسطية والاعتدال ونبذ التعصب والكراهية والدعوة إلى التعاون بين البشر بمختلف انتماءاتهم وثقافاتهم، وفي جميع الأحوال ستظل الدولة ملتزمة بالتعامل بالقانون مع جماعة نفسها خارجة عن القانون.